حال ابن آدم

العدد: 9433

الأربعاء:25-9-2019

ما جئنا الحياة إلا للفناء ودورنا قبل القبور قبور.. هذا حال ابن آدم في هذه الحياة، لكنه غافل لانخراطه في ملذاتها ومتاعبها، فما أن يركن إلى نفسه حتى ينسى من حوله لأنه يذهب بعيداً فيما يشغل فكره ناشداً الحل، وتتزاحم عليه الحلول والاقتراحات لكنها لا تنال قناعته ورضاه، ثم يعود من رحلته هذه ليعطي نفسه بعض الوقت لربما يرشده عقله إلى حل يرضيه, لتنفرج أساريره ويزاح عن كاهله كابوس أرهقه، لكن هل تقف الأمور عند هذا الحد؟ بل تتوالد الهموم وتتتالى كالأمواج، فالضائقات كثر والهموم أكثر, وهذا للغني والفقير على حد سواء، فالغني ليزيد غلته فمن بين أنامله تنسل شيكات المال وكأن يداه قنطرة على نهر الأقدار، وما كثرة ماله إلا لقلة إحسانه، ويرى نفسه جبل شامخ والناس على سطحه رمال.
أما الفقير جلّ همه الحصول على كفافه فدنياه قلب منفطر وعين دامعة، لأنه تحت مطرقة الزمن ويشكو دهره المريض.
قد يعرف الناس في ثلاث، الحاسد ذو وجه أصفر, والمبغض ذو وجه أسود، وأهل الدم (أحمر).
غدت لدى الإنسان قناعة إن الحياة والسعادة على نقيض، فإن حلت السعادة تكون عابرة وناقصة لأن ما يشغل البال يُسمع نقيقه بالفكر، فهل هذه حياة؟ فما فعل السعادة إلا بعمل الخير هذا الذي يجلب الهناء للقلوب ذوات الضمير الحي.
وتجد الإنسان الذي يقوده طمعه وحبه لذاته (الأنانية) يتناسى فعل الخير وحتى برّه بوالديه, ولا يردعه رادع من أن يطأ أجساد الناس لتحقيق هدف يدور لأجله كما تدور دابة الطاحون، والناس عنده أهون من تراب الأرض تحت قدميه، فأي إنسان هذا؟ فالنواميس خبت ومعها تنهدات القلوب.
قال الرسول (ص): (لو امتلك ابن آدم واديين من ذهب لفكر في الثالث)، فالطمع آفة تسكن النفس وفي نمو دائم، والأنانية صفة سيئة فالأناني يرى إن من حقه كل شيء ويتعالى على غيره وكأنه الوحيد في هذه الحياة، هذا الذي يسعى لهدف ما يصبح كالمجنون الذي يجري خلف عقله الذاهب من غير طريق فلا عقله يقف له ولا هو يدرك عقله.
حرّي بالمرء أن يدرك إن ما مضى من الحياة أحلام وما بقي منها أماني، فالمرء يجهل ما ينتظره فيما بقي من عمر وما تخبئه له القادمات من الأيام، فلنتق الله في حياتنا.

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار