العدد: 9290
12-2-2019
لا يوجد مصطلح محدّد لمفهوم الأمن الثقافي على وجه العموم، لكن من خلال صياغة مفهومه يمكن أن نستدلّ على المعنى فهو ضمان الأمان والحفاظ على الهوية والأصالة من خلال سلوكيات ثقافية دفاعية معينة، بهذه الكلمات بدأ الباحث والمفكر د. عدنان بيلونة محاضرته تحت عنوان: الأمن الثقافي وثقافة الصورة، في رابطة المحاربين القدامى ومصابي الحرب.
وأكّد على أن الثقافة العربية الآن تواجه حضارة غربية كونية تسعى إلى تنميطها والسيطرة على موارد شعبها وتبديل قيمه وعاداته وتقاليده وإلغاء مقاومته، كما تواجه غزواً صهيونياً يحاول خرقها بفعل تداعي روح النضال أمام تغلغل شعارات المصالحة والاستسلام.
وقدّم تعريفاً للثقافة كما يستخدمها علماء الاجتماع بأنها ذلك الكل المعقّد الذي يشمل المعرفة والاقتصاد والفنّ. . وعادات أخرى يكتسبها الإنسان بوصفه فرداً في المجتمع.
وتناول د. بيلونة في محاضرته مراحل الصراع العربي – الصهيوني، وتأثيراتها على ثقافة الصورة، وما أفرزته من مصطلحات: كـ (وعي الغيبوبة) الذي يُعدّ من مفرزات (غياب الوعي السياسي) حيث بدأنا نحتمي من عدوّنا بعدوّنا نفسه، وما رافق ذلك من حملات (التبشير) التي تبنّتها بعض الأصنام الثقافية العربية، في حين البعض الآخر هالَهم هذا الاختراق الثقافي والعجز العربي عن مواجهته، فهربوا إلى مغاور الكهوف والتاريخ السلفي، يريدون العودة إلى زمنٍ لا يعود، بالعنف والقوّة والإرهاب، وهنا بدأت الصّورة الإعلامية تتشوّه وتخلط بين القاتل والمظلوم.
كما تحدّث د. بيلونة في محاضرته عن ثقافة الصّورة والمجتمع العربي، مشيراً إلى أنّ القيم المادية التي يطرحها زمن ثقافة الصّورة مخيف ومرعب في مجتمعاتنا العربية لاسيما الفقيرة منها، مقدماً عدداً من الشّواهد الواقعية، كالهوس العربي بكرة القدم والفيديو كليب القادم إلينا من الغرب، وتطرّق إلى ظاهرة الإعلان، إذ نرى خلطاً واضحاً ومتعمداً ما بين الإعلام كرسالة سامية، وبين الإعلان كوسيلة للربح.
وختم د. بيلونة محاضرته بالتطرّق إلى ثقافة الصّورة المروّجة لثقافة (اقتصاد السوق) التي تمجّد الربح بغض النظر عن الوسيلة، وتعظّم الوجود الإنساني المادي على حساب الروحي، وهذه تنقل إلينا ثقافة الصّورة عالمياً وعربياً، بكلّ ما يُتاح من وسائل الإغراء وبغضّ النظر عن (أخلاق السّوق).
ثم أجاب د. عدنان بيلونة عن تساؤلات الحضور، ومداخلاتهم التي أغنت المحاضرة، وخاصّة فيما يتعلق بمفهوم الأمن الثقافي ومشكلاته ومعاييره وحدوده، منوّهاً إلى المخاطر الكبيرة التي تعترض الثقافة العربية وتجعلها تسير في طريق غير واضح المعالم ومتدهور.
ريم جبيلي