الطير المهاجر الحزين

العدد: 9427

الثلاثاء:17-9-2019

 

أنا الطير المهاجر الحزين مقصوص الجناح، حزيناً على ما أصاب وطني من الخراب والدمار والقتل والتشريد، أنا النازح المغلوب على أمره، الهارب مرغماً تحت جنح الظلام من جحيم القنابل وبطش الإرهاب، وما عانيت في غربتي من مر العذاب من الذل والضياع والحرمان، وقساوة البعد عن الوطن والأهل والخلان، وأحلم بالعودة إلى ربوع الوطن، ابتسامة تغرد فوق ثغر الصباح وطير يحلق في أجوائه شموخاً وإباء، أنا المواطن العربي السوري المشهود لي بالرجولة والبطولة وبيدي سيف الحق الذي لا يعرف الهزيمة، والمنتصر دائماً على كل ظالم ومفتري ولص يحاول أن يسرق من الأفواه قوت الجياع، ويسطو على ثروات وخيرات الشعوب، والتاج المرصع المرفوع فوق الرؤوس، والعلم الخفاق فوق السواري أبد الدهور، وحمامة السلام ورسالة المحبة بين القلوب، وميزان العدل للحفاظ على حقوق الناس في كل الظروف، والحاكم العادل الذي نصبه الشعب والخالق في كوكب الأرض واللسان الذي لا يعرف الرياء ولا ينطق إلا بالصدق، والمارد الجبار الذي يحطم الأصنام والقيود وأبواب السجون، وفارس الميدان المنتصر بقوة إيمانه وإرادته وشجاعته على والصخرة الصلبة التي تتكسر عليها أطماع الغزاة، والطريق والحق والحياة وينبوع المحبة الذي يشرب منه لا يعطش مدى العمر، والدرب المسيج بالورود وابتسامة الأمل المشرقة في الوجوه، وضوء القمر ومصباح النجوم في أحلك الظلمات، وأشهى وأطيب وألذ فاكهة كل الفصول ونسمة الفجر الصبوح المخضوضبة برائحة الأزهار والورود، ساقني القدر ورماني في غياهب السجون مقيداً بسلاسل الظلم والعبودية ولكن أصمم على التحرر وكسر القيود والعودة إلى الوطن لأروي له قصة معاناتي من تراشق نظرات الذل والاحتقار والاستخفاف بكرامتي وإنسانيتي وعن روحي التي خطفها من بين أضلعي ورماها مخطافاً في قاع البحار، وسنين عمري التي ضاعت رخيصة على دروب الانتظار وقلبي الذي مزقته سهام الغدر والخيانة، فآن الأوان للعودة إليك بعد تلك السنين العجاف وبيدي شعلة النصر وراية السلام لأساهم في إعمار ما تهدم في وطني مع أبناء شعبي الشرفاء.
فأرجوك يا وطني لا تسحب في وجهي سيف اللوم والعتب وتحاسبني على غلطتي وتغفر لي ذنوبي لأن قلبي السقيم لا يحتمل صدمة العقوبة ولم يزل جريحاً يعاني النزيف وعمري الذي شاب قبل أوانه وذاب كالشمعة في معبد الرهبان ولا تصوب نظراتك القاسية نحوي كي لا أفقد عقلي ويضيع صوابي ونجدد العهد والقسم بأن أبقى ابنك البار أجند نفسي لخدمتك وانضوي تحت علمك الغالي وأدافع عنك حتى النصر وأنضم لقوافل الشهداء، أعود وكلي أمل أن تقبل توبتي وتضمني إلى خليتك وتلفني بذراعيك كما تلف الغيوم ضوء القمر ومصابيح النجوم والأم رضيعها ليشرب حليب الأصالة وبيدي مفتاح بيتي وهويتي وعنواني الدائم في وطني؟

عيسى موسى موسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار