الرجـل صــاحب الكلمــة والـقوة… فهـل يمنعـه هذا من «الحـــرد»؟

العـــــدد 9426

الإثنـــــين 16 أيلــــول 2019

تعودنا حين تغضب الزوجة من زوجها، بعد نقاش حاد أو شجار أن تجمع ما تيّسر من أغراضها وملابسها وتأخذ أولادها، وتذهب إلى بيت أهلها (حردانة).. حسناً، ماذا لو غضب الزوج من زوجته، هل يمكن أن يحرد مثلها بحيث يترك البيت ويمضي خارجاً؟ ولكن كيف وإلى أين يحرد؟ أيذهب إلى بيت أهله؟ أو بيت أحد الأصدقاء؟ أم تراه يكتفي بمقاطعة الزوجة خلف جدران بيتهما المشترك؟ وما الفرق بين حرد الزوجات وحرد الأزواج؟
يقابل محمد عبدو، موظف سؤالنا عمّا إذا كان يحرد باستنكار، متسائلاً: وهل هناك رجل يحرد؟ ويضيف بحسم: لا توجد أي قوة في الأرض يمكن أن ترغم الرجل أن يحرد ويترك بيته، أياً كان حجم وطبيعة المشكلات التي يمكن أن تحدث بينه وبين زوجته، ويشير محمد: إلى أن هذا الأمر بحسب عاداتنا وتقاليدنا يَعد عيباً كبيراً بحق الرجل، فمن المعروف في هذه الحالات أن المرأة هي من تحرد، وتخرج من البيت، في حين يذهب الزوج ليعيدها ويراضيها، ولكن إذا خرج الرجل من بيته فمن يعيده؟ وهل من المعقول أن تذهب الزوجة لتراضي زوجها؟

ويؤكد محمد: أن الرجل هو رب البيت ولابد أن يتحلى بصفات الصبر والقوة والحكمة التي تؤهله لقيادة البيت، وإلا لما كان هناك فرق بينه وبين النساء اللاتي يغضبن لأتفه الأسباب ولا يتحملن أي ضغوط، فيخرجن من البيت ليطلبن الحماية والمساعدة من الآخرين.
ولا يلجأ محمد سعيد، موظف إلى الحرد أبداً، لأنه يؤمن بأن الحرد استراتيجية لا تناسب الرجال، موضحاً: في العادة عندما يغضب الرجل من زوجته بسبب مشكلة ما، فإنه يخرج من البيت ساعات معدودة، يجلس مع أصدقائه ويتحدث معهم في أمور حياتية أخرى، ولا يشير إلى ما حدث معه في البيت، لأنه يشعر بأن خلافات البيت من الأسرار التي يجب ألا يتداولها مع الآخرين، وهذا ما أفعله أنا.
ويفسر محمد تضاؤل احتمالات (حرد) المرأة بعد انقضاء فترة طويلة من الزواج بأنه كلما عاشت المرأة مع زوجها فترة أطول وزادت مسؤولياتها العائلية وكثر الأطفال، أصبحت أكثر تمسكاً ببيتها، وأكثر خبرة في إدارة خلافاتها ومشكلاتها، من دون الحاجة إلى الاستعانة بالآخرين، وفي المقابل فإن سرعة غضب الرجل عند الكبر تعود إلى تراجع قدرته على التحمل، بسبب عامل السن واستنزافه نفسياً ومعنوياً خارج بيته، في غمرة عمله وكدّه لتوفير حياة كريمة لأسرته.
ويقول يامن، أعمال حرة: إنه مهما عظم الخلاف بيني وبين زوجتي فإن حردي لا يمكن أبداً أن يتجاوز الساعات الخمس، أقضيها خارج البيت في المقهى أو مع الأصدقاء، وبعدها أعود إلى البيت بقلبٍ خالٍ من أي ضغينة وكأن شيئاً لم يكن، وفي رأي يامن فإن الرجل أكثر اتزاناً وعقلانية من المرأة حيث يتخذ القرارات التي يراها صحيحة، من دون أن يلجأ إلى أي طرق ابتزاز أو أساليب ضغط و تهديد عند الخلافات الزوجية ، على عكس المرأة التي تستخدم مثل هذه الوسائل الضعيفة كالحرد وغيره، كي تجبر زوجها على تحقيق مطالبها.
ويعتبر مضر حسن، حقوقي: أن حرد الزوج هروب لا يليق بالرجال، مضيفاً: إنه على الرجل أن يكون مسيطراً على زمام الأمور في بيته وأن يملك الحل المناسب لمشكلاته وخلافاته مع زوجته، لأن الحرد منطق الضعيف، ويصف من يحرد بأنه شخص غير مسؤول وغير جدير بتحمل أعباء أسرة وبيت، كما أن المجتمع الشرقي لا يحترم الرجل الذي يخرج من بيته غاضباً، ولا يجد له الأعذار أبداً، بينما يمكن أن يلتمس العذر للمرأة عندما تترك بيتها، بل يتعاطف معها، لأنه يعتبرها ضعيفة ومظلومة، ولذا فإننا نجد أن قلة نادرة من الرجال هم الذين يتركون بيوتهم الزوجية، وشخصياً لم أسمع أبداً أن هناك رجلاً حرد وترك بيته.
يقول سامر سعد، صاحب مهنة حرة: إن أفضل وسيلة عقاب للمرأة التي تتمرد على زوجها وترفع صوتها فيه حين يتشاجران، هي أن يترك لها البيت ويخرج فلا تراه أياماً أو أسابيع لمزيد من التأديب، ويعترف سامر الذي مضى على زواجه أكثر من خمسة عشر عاماً بأنه كثيراً ما يخرج من بيته غاضباً إلى جهة غير معلومة كي يهدأ، ثم يعود ليجد زوجته وقد عادت إلى صوابها حيث تعتذر له عما بدر منها ولا يأبه بما إذا كان ما يفعله يسمى «حرداً» أو اسم آخر، لكنه كما يقول يجد ذلك وسيلة فعّالة جداً لوضع حد للمشاجرات والمشاحنات التي تندلع بينه وبين زوجته، فلا عيب في رأيه في أن يترك الرجل بيته عند الغضب، شريطة ألا يعلم أحد من الناس من حوله بهذا الأمر.
وللزوجات رأي لا غنى عنه في هذا الموضوع، فبخبرة اثنين وأربعين عاماً من الحياة الزوجية تؤكد ليلى موسى ربة منزل أنها لم تترك في حياتها بيتها قط (حردانة) ناهيك عن أن يتركه زوجها، قائلة: إن الخلافات الزوجية والغضب شيء طبيعي في العلاقة الزوجية، ولكن التعبير عن هذا الغضب يعود إلى طبيعة كل من الزوجين، ودرجة حرصهما على حياتهما المشتركة، فالمرأة الصبورة هي الأقدر على امتصاص غضب زوجها وحل مشكلاتها معه، دون أن يضطر أحدهما إلى ترك البيت، فأنا عندما يغضب زوجي فإنني لا أناقشه أبداً ساعتها، وأحاول أن ألزم الصمت وأستمع له من دون أن أرفع صوتي و حين يهدأ أحاول أن أنتقي كلمات عتاب مناسبة، فالرجل هو ربان سفينة الحياة الزوجية، فإذا تركها وذهب فإن الأمواج ستتقاذفها حتى تغرق، لذا فإن حرده وخروجه من البيت يعني دماراً كاملاً للأسرة.
نانسي حنا تقول: إنه ليس عيباً أن يترك الرجل بيت الزوجية ساعة الغضب، لكن العيب هو أن تخبر زوجته الآخرين بذلك، لأن هذه الأمور تندرج في إطار الخصوصيات التي يجب ألا يطلع عليها أحد، وتشير نانسي إلى أن الزواج حياة مشتركة ومصير مشترك يقرر فيه الطرفان كيف يعيشانه، وخروج الزوجة «حردانة» من بيتها قاصدة بيت أهلها بمثابة الإعلان من جانبها عن رفضها البيت والزوج معاً، بينما حرد الزوج وخروجه من البيت غالباً ما يكون مؤقتاً، فهو حتماً عائد إليه من دون أن يطلب إليه أحد ذلك.
على صعيد آخر ترى رانيا، مهندسة أن حرد الزوجة هو الأقوى وقعاً في مؤسسة الزواج وهي تشهره كأحد أسلحتها، خاصة إذا كانت تعلم حجم مكانتها في قلب زوجها، وأحد أهم الأسباب التي تدعو الزوجة إلى الحرد، عدم تلبية الزوج مطالبها أو عدم رضاها عن بعض تصرفاته كالشك فيه لخروجه وسهره المتواصل مثلاً، وتفضيله صحبة الأصدقاء عليها، وغير ذلك من الأسباب التي تكون مدعاة لحردها وتركها بيتها وذهابها إلى بيت أهلها.
كذلك تقول غادة علي، مدرسة إن الرجل عموماً يستحي أن يحرد ويترك بيته لأن لديه وسائل أخرى يمكنه من خلالها أن يُنفس عن غضبه، ثم إن الرجال قوامون على النساء، وهذه القوامة تجعل الواحد منهم مسؤولاً عن الحفاظ على راية الحياة الزوجية مرفوعة بحيث يتمسك ببيته وحل مشكلاته داخل حدود جدرانه، دون أن يترك عائلته في مهب الريح ويغادر البيت (حردان).
كما تقول دارين، مهندسة متزوجة منذ أربعة عشر عاماً: لا أدفع زوجي أبداً إلى أن يحرد ويترك البيت غاضباً ولو ساعة، ثم إن الخلافات الزوجية أمر لابد منه فالغضب والزعل من الطبيعة البشرية ولكن درجة سخونة هذه العواطف تختلف بين المرأة والرجل بسبب اختلاف التركيبة النفسية لكل منهما، فالمرأة خلقت لوظائف تتطلب منها أن تكون أكثر رقة وتسامحاً وبالتالي أكثر ضعفاً، وانطلاقاً من طبيعة الرجل الأقل تسامحاً، يغضب وينفعل ويحرد لأسباب عدة، من ذلك حين تهمل المرأة بيتها أو أطفالها أو تقصر في أداء واجباتها أو حين تكثر طلباتها وما إلى ذلك من الأسباب التي تثير استياء الرجل وتدفعه أحياناً إلى الحرد، وحرد الزوج يأخذ صوراً عدة، كالتزام الصمت أو الانعزال بعيداً عن الزوجة أو الاضراب عن الطعام.

ريم ست الدار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار