العدد: 9420
الأحد-8-9-2019
(المرأة في أي عمل فني لها الحق أن تكون كل الفكرة، فهذه الأنثى هي الأصل هي التي أوجدتنا وهي معلمتنا وهي حبيبتنا و.. لذا في كل عمل يجب أن تكون الملهم الأول بكل تفاصيلها، إنها سبب تأجيج المشاعر والأحاسيس، هي حياة الروح هي آلهة منذ الأساطير الأولى شئنا أم أبينا)
بتلك العاطفة المتأججة تجاه المرأة بدأ الدكتور الفنان نضال طويل حديثه، فما بين الفن الحرّ والكلمة الجريئة والطب الفيزيائي رحلة طويلة قضاها، حول تأثير هذا الثالوث في حياته قال:
كل الحياة ثالوث حتى في التكوين الإلهي وهم المركز واليمين واليسار، الفن ديمومة معتقة، ولكنها تغفو دائماً لنوقظها من حين إلى حين، إنه وحي لا يزول، ولكن لا يمكن أن نقول عنه فن إن أحسسنا به لأنفسنا دون أن يتأثر به الآخرون، وأقصد الجماهير، ماذا عن تعب فكرة لملمت أشلاءها وأصبحت في مساحة من الألوان والمشاعر والآلام لتعطي نتيجة، ونجعلها تنام على حائط دون خروجها إلى النور..
ليس هناك فن حر ولا فنان متحرر من القيود، لذلك الفن مافيا جعلت بين الأشخاص والمحسوبيات، وهو واقع الفنان البسيط رأيته نجمة في ليل حالك حضره قمر واحد، والفنان المندس ظلام تحضره كل النجوم الكاذبة، أما الكلمة الصادقة البناءة فأقلها وامض..
الإنسانية تعني أن ترسم الفرح في بيوت سكنها الألم، وهكذا عملت في ظل فترة الأزمة مع أبطال جيشنا الجرحى بكل المشافي والحارات وهذا كان واقعي الجميل الذي وهبني الله إياه وساعدني لشفاء رجاله وفقرائه فكان معي هو الشافي المعافي وذلك نصر آخر، الفن إحساس والكلمة الجريئة مطلب والعلاج حياة.
** تعددت الأحاديث والروايات عن نشأة فن التشكيل بالحجر ولعل الفرصة أتيحت للبعض للظهور إعلامياً بشكل أقوى من الآخرين، بما أنك من أوائل من شكلوا بالحجر حدثنا عن علاقتك به وأفكارك لتطوير هذا الفن.
** بالنسبة لفن تشكيل الحجر، هو فن قديم جداً، إنه أقرب إلى لوحات الفسيفساء القديمة التي تجسد الآلهة والعادات والرموز في كل الأزمان كالرومان والإغريق، فكانت اللوحات تصور حالات الحياة في تلك الأزمنة، وتعتبر وثائق مدونة بالحجر لتطول ديمومتها كلما طال الزمن لأنها أوابد حضارية.
فن الحصى أشبه إلى التركيب النحتي النافر، فلقد انفصل الرسم التشريحي للجسد حسب الفكرة عن الخلفيات المكملة للوحة الفسيفساء حسب نوع العمل والفكرة، وهي حالة بسيطة العمل، وتعتمد على الذاكرة وعلم تشريح الجسد والأشكال، وقد برع به البرتغاليون الرحالة والبحارة فكانوا يشكلون بالحصى على الشواطئ رسومات تدل على كل شيء سيقومون به إن عادوا وإن لم يعودوا تبقى ذكراهم..
منذ ثلاثين عاماً جمعت الحصى والحجارة ورصفتها كواجهة لمنزلي بأشكال هندسية وحصى ملون ثم حاولت تحسين العمل ورسم الأشخاص والشجر والحيوانات، ولكن لم يكن لدي كاميرا ولا حتى فكرة التصوير لأوثق ذلك حينها، وبدأت بعد ذلك الهواتف المحمولة تصور بكاميراتها ومواقع التواصل بدأت بالنشر وتفرغ البعض لهذا العمل واجتهد بمساعدة إعلامية، في هذا الوقت كنت متفرغاً لعلاج جرحى الجيش، أهملت الفن بشكل كلي، وهنا الاختلاف بكل المعايير، أنا أحب الذي اجتهد، وأحب عملي الإنساني الذي أنجزته ببراعة ولن أندم أو أغار من أحد، بالعكس أنا أشجع كل الناس ليبدعوا فذلك يصب في خانة (سورية العظيمة)، لذلك اتبعت منحى بأعمالي يختلف عن منحى الفنانين الآخرين بشهادة الجميع، ولكن الذي سأقوله: إن ثقافة الفنان رديف قوي للنجاح الذاتي والنفسي والجماهيري، أما إذا كان الفنان يفتقر للثقافة ويعتمد على الآخرين سيحبط حتما ويكون مسيراً، وهنا الفشل في النهاية.. فن الحصى يعتمد على الفكرة والذاكرة والتشريح والعنوان والشرح..
* برأيك من أشد تأثيراً في المتلقي، النقد الذي تقدمه عبر تشكيل لوحات ساخرة من الواقع الحالي أم قصيدة هجاءٍ مباشرة قد تكتبها في ذلك؟
** النقد فلسفة إيجابية إن كانت من ناقد صادق بمشاعره وخبرته، والنقد الصحيح يطور آلية العمل لدى أي شخص يبدع في أي مجال، لأننا عندما نكتب أو نرسم يكون الخيال سابحاً في فضاء التكوين، ولأن العقل البشري واسع الطيف بالمقابل محدود الطاقة فالناقد ينوه لنا أين كان شرودنا وطاقتنا في التفكير بالكتابة أوالرسم، بالنسبة لي أنا أحب النقد وأستقبله بروح عالية لأن الإنسان بطبيعته ينسى أجزاء من عمله، ويخطئ بغير قصد..
هنا الفكرة تعود بمدى تقبل المنقود إن كان فناناً أو كاتباً، فالكلمة ربما تكون جارحة لأنها مباشرة، ولكن العمل الفني يتغلل في الروح تدريجياً وبعناوين متعددة بعكس الكلمة الصادمة فيكون وقعها أخف، وأنا أفضل الفن واللوحات الفنية للتعبير عن الهجاء والسخرية والمديح.
* شاركت في العديد من الملتقيات والمعارض الجماعية… ما الذي تضيفه هكذا فعاليات لتجربة الفنان؟
** كما قلت إن لم تظهر اللوحة من سراديب الخمر الى أرصفة النور لا تعتبر لوحة، لقد شاركت في عدة معارض مع فنانين شباب وأطفال حتى يكون لنا وقع تشجيعي في مسيرتهم لاسيما بمشاركة بعض الفنانين التشكيلين المحترفين..
بقي أن نقول إن الدكتور نضال إلى جانب التشكيل بالحصى والحجر والكتابة الأدبية والخواطر له أعمال متميزة في التصوير الضوئي وأعمال فنية بأعواد الثقاب، والخشب، والصدف، طبيب معالج فيزيائي اختصاص تأهيل وتجميل وإصابات ملاعب.
نور نديم عمران