العدد: 9289
11-2-2019
تتّسع دائرة الألقاب والأسماء، ما بين سعادة السّفير إلى حضرة الدكتور إلى الأستذة إلى ..، ألقابٌ مجانية توزّع هنا وهناك، ترفع هذا وتبجّل ذاك، فخريّةٌ ولا فخريّةٌ لها مستلزماتها وأدواتها، عدّتها إن صحّ التعبير، قرطاسيةٌ وشهادات امتياز واجتيازٍ لاختباراتٍ وامتحانات، يؤهلك اجتيازها والنّجاح فيها إلى حمل اللقب وإضافة دالْ الدّالة على الدكتوراه، أو الألف الدّالة على الأستذة وغيرهما.
تُرى مَن خوّلكم لمنحها هكذا دون قيود أو ضوابط؟ وما هي معايير انتقاء هذه الشخصيات دون سواها وتفخيمها وتعظيمها، حتى تكاد تنفجر من شدّة النّفخ فيها؟
وهل العلاقات الشّخصيّة والاعتبارات الأهلية وما يدور في المكاتب، وخلف الجدران من وساطات ومحسوبيات وماديّات، كافٍ ليبلغ أيّ كان مصافِ الدرجة الأولى اسماً وأهمية.
ويتصدّر عناوين الصّحف وشاشات الفضائيات، حضوراً ومشاركةً، يُلقي علينا مواعظه وحِكمه وخبراته المكتسبة واللا مكتسبة وكأنّه العارف العالم بكلّ شيء.
ليس هذا وحسب، إنّما تراه وقد اتّخذ لنفسه مكان الصّدارة دونه باقي النّاس والعامة.
ويزدحم دفتر مواعيده بالأسماء والتّواقيت، إطلالةٌ هنا ومشاركةٌ هناك، ومحاضرةٌ أو ندوةٌ هناك أيضاً، ضيفٌ على تلك الشّاشة أو الإذاعة.
تٌناط به مسؤوليات جِسام يتصدى لها بكلّ ثقةٍ وافتخار، فهو محور الثّقافة وأمّها وأبوها، يمسك بخيوطها ويحرّكها كيفما شاء ومتى شاء، ليس على المستوى المحليّ فقط إنما العربيّ وربّما العالميّ لاحقاً.
رفقاً بنا تواضَعوا وعودوا إلى الأرض، كفاكم تحليقاً وطيراناً في عوالم خيالية اصطنعتموها لأنفسكم وبأنفسكم.
فالقاع ازدحم، وما أنتم إلا كفقاعات الصّابون، تبرق ألوانها وتكبر أحجامها وتعلو وتسمو، لكن ما تلبث أن تفقع في الهواء وكأنّها لم تكن.
اتركوا أثراً لا يُمحى ولا ينسى، وليذكركم التّاريخ بأفعالكم لا بألقابكم.
ريم جبيلي