العدد: 9417
الثلاثاء :3-9-2019
تحتفظ الذاكرة بالمعلومات لفترة زمنية قد تطول أو تقصر، ويتم استرجاعها عند الحاجة إليها، أما التذكر فهو العملية التي يتم فيها ترميز المعلومات والاحتفاظ بها ثم استرجاعها واستعادتها من مخزون الذاكرة الذي تم الاحتفاظ به، والنسيان هو الدخول في حالة من الفقدان الظاهري، وإخفاق الشخص في استرجاع المعلومات لسبب ما، أي ضياع المخزون وعدم القدرة على استرجاعه.
قد يسألنا أحد الأشخاص عن أمر ما، فننصت قليلاً لإيقاظ وتحريض الذاكرة، كي نتذكر الجواب المناسب لسؤاله، وقد تقصر أو تطول فترة الصمت والاعتصار، لكن في النهاية سيتم الرد على السؤال المطلوب، وفي أكثر الأحيان قد لا ينتظرنا من وجه السؤال لنا حتى نجيبه على سؤاله، ولا يحتمل مرور الوقت ولو كان قصيراً، فيبادر فوراً مداعباً: (شو؟! زهايمر.. الكبر عبر).
طبعاً موضوع التباطؤ في الرد يعتبر أمراً عادياً، وقد يحدث مع أكثر الناس، لكن اسمحوا لي أن أبدي رأيي المتواضع في هذا الأمر الذي يتكرر كثيراً معي ومع غيري من البشر، علماً أنني لست طبيباً ولا أدعي الطب، فالذاكرة تخزّن المعلومات، بأحداثها التي نسمعها ونشاهدها، وقد يتم التركيز على المهم فالأهم وهكذا كلما تقدم بنا العمر ازداد مخزون الذاكرة، وامتلأت بالمعلومات والأحداث يوماً بعد يوم، فتتراكم وتتراكم حتى تغصّ بما فيها لنعطِ مثالاً: عندما نطلب ملفاً إدارياً من قبل أمين مستودع حديث العهد، لا يتعدى إحداثه العام أو العامين، فيكون عدد الأضابير فيه قليلاً جداً، عندها يقوم المسؤول بمدّ يده إلى الملف المطلوب فوراً أو يحضره، لأن مخزون المستودع عنده لا يتعدى الرف أو الرفين لحداثة عهده، أما عندما يكون المخزن (المستودع) محدثاً من زمن طويل يزيد على نصف قرن من الزمن مثلاً، فتكون أرفّته مليئة بالأضابير (المعلومات) وشارف على الاكتفاء، وبالكاد يتسع لأشياء إضافية وعندما يتم طلب أي ملف أو أية معلومة من مسؤول المخزن القديم، تراه يصمت ويفكر قبل أن يرد على الطلب، وهكذا الإنسان الكبير في السن، وقد امتلأت ذاكرته، ومخزونها أصبح كبيراً جداً من خلال ترميز المعلومات والاحتفاظ بها ، لذلك يحتاج إلى التفكير قليلاً كي يعرف أين موضع المعلومة ضمن مخزون ذاكرته، ثم الإجابة على السؤال المطلوب بعيداً عن الزهايمر.
أما النسيان في حد ذاته نعمة على الدماغ، لأنه الوسيلة التي يتخلص فيها من المعلومات غير الضرورية، التي تشكل عبئاً عليه.
حسن علان