ورود في زمن الحــــرب

العـــــدد 9416

الإثنـــــين 2 أيلـــــول 2019

في العيد الماضي اشتريت لأطفالي مسدسات بعد أن كانت فكرة شراء الأسلحة كألعاب للأطفال ترعبني.
قبل أن أصبح أماً كان منظر الأولاد في الشوارع يمارسون لعبة الحرب يرعبني، فأي متعة يجنونها من افتراض قتل الآخرين؟ وأي تجار أولئك الذين يروجون للحرب بتلك الطريقة؟
مع بداية الحرب في بلدي وتزامنها مع أمومتي ازداد خوفي من تلك الظاهرة أكثر، خصوصاً بعد انتشارها بشكل أكبر وأوسع.
في الحروب يصبح الخوف مضاعفاً من كل شيء، خصوصاً على الأبناء، ولكن هل نستطيع ملامة الطفل لتعلقه بتلك الألعاب ورفضه التخلي عنها؟
كيف تقنع الطفل بعدم اقتناء مسدس كلعبة وهو يراه كميدالية على خصور أغلبية الشباب في الشوارع العامة؟
كيف تقنع الطفل أن لا جدوى من الأسلحة وهو يعرف أكثر من الكبار تمييز أصوات التفجيرات ويسمع مثلهم أصوات الرصاص تدوي في شوارع المدينة في تشييع شهيد أو احتفالاً بنصر أو لأي مشكلة عابرة؟
كيف تقنع الطفل أن القوة للعقل وهو يرى ويعي تماماً أن قوة الرصاص فوق أي قوة؟
فكم سمعنا وسمعوا عن رصاصات طائشة بأيدي جهلة أطاحت بعقول راقية!
كيف تقنعه برفضها وهو يراها في الشوارع والشوادر ونشرات الأخبار وحتى في برامج الأطفال! يسمعون قصص استشهاد الأبطال ويفهمون كل ما يجري؟
الحرب باتت بأدق تفاصيل حياتنا وفشلنا في إبعاد أطفالنا عنها يعد أن كاد لا يخلو بيت من مصيبة جراءها.
في الحروب كل شيء يصبح أصعب، خصوصاً التربية، فالتحديات التي تعترضها أكبر، خصوصاً مع انتشار الفضائيات الكرتونية التي تعرض مشاهد القتل والموت، ومع تزايد صالات (الكونتر) التي تغص بالأطفال من كل الأعمار دون رقابة الكبار، وألعاب (البلاي شتيشن) التي يتفنن الطفل فيها بأساليب القتل والموت بدم بارد جالساً خلف شاشة، والخوف الأكبر أن يتعود عليها ويستسهل فعلها ويحاول تجريبها.
نعم، اشتريت لأطفالي مسدسات ألعاب واتفقنا على الاستخدام الآمن لها وصنعنا شريراً يقتلونه كل يوم بأسلحتهم، ولم تزعجني أصواتهم العالية يتوعدون كل الأشرار على هذه الأرض بالزوال، ولا زلت أرفض وبشدة ألعاب (البلاي ستيشن).
ألعب يومياً مع أطفالي لعبة الحرب وينتصرون، ليت الأطفال فعلاً ينتصرون في الحروب.

رنا محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار