المكتبة العمومية للأطفال في اللاذقية / مركز ضاحية بسنادا / تهيئ ذاكرة الأطفال بحكايات الخصب والجمال

العدد: 9413

الثلاثاء: 27-8-2019

 

داخل جدران ملونة مفتوحة الأفق حدّ أزرق البحر وأخضر الجبل، بعيداً عن كل ما يحد إبداع الطفل وخياله وحريته ضمن ضوابط افتتح الفرع الثاني لمكتبة الأطفال العمومية في اللاذقية في ضاحية بسنادا، ذلك المركز الذي كان فيما مضى (نادي الرسم المجاني للأطفال في اللاذقية) حيث استقبل الأطفال مجاناً ليرسموا أحلامهم بحرية ثم أغلق قبل مدة، ليعود لفتح أذرعه الرحبة لأطفال المنطقة، حيث وضعت إدارة النادي المقر تحت تصرف إدارة مكتبة الأطفال.
وتم افتتاحه في الأول من تموز للعام الجاري، ليعود وينتشل أطفال المنطقة من الملل والوقت الضائع ليجمعهم على المعرفة والمحبة، حيث لا يوجد بكل تلك المنطقة حديقة أو ساحة يلعب بها أبناء الحي، ليأتي فرع المكتبة هناك منقذاً ومنفذاً لهم. يستقبل المركز كل الأطفال من جميع الأعمار حيث يفتح أبوابه صيفاً من الواحدة ظهراً وحتى السابعة مساء، وشتاء من العاشرة صباحاً وحتى الرابعة عصراً، ويقدم القراءة المجانية لكل الأعمار والاستعارة كذلك وفق بطاقة الاشتراك، بالإضافة للأنشطة التفاعلية للأطفال واليافعين بأجور رمزية جداً.
يوجد في مركز ضاحية بسنادا أكثر من 1700 عنوان كتاب موجه للأطفال واليافعين مصنف ومفهرس من قبل فريق العمل، بالإضافة للألعاب التعليمية لجميع المراحل العمرية. وعلى الرغم من انتشار القنوات الفضائية المخصصة للأطفال بشكل كثيف، والتي يعرض أغلبها مشاهد عنف وقتل وسلوكيات غير لائقة، ورغم توجه الأطفال عموماً للألعاب الالكترونية، فقد تحدت مكتبة الأطفال العمومية منذ بدايتها في المركز الثقافي منذ12عاماً وحديثاً بفرعها الجديد في ضاحية بسنادا هذا الزحف الهائل للفضائيات واستطاعت الدخول لكل بيت في المنطقة، حيث يرسل الأهالي أطفالهم للمكتبة إما للمطالعة واكتساب سلوكيات إيجابية، أو للمشاركة بالأنشطة كل حسب فئته العمرية، وفي زيارتنا للمكتبة التقينا بعض الأطفال الذين يواظبون على زيارتها وحدثونا عن تجربتهم فيها عما أضاف وجود المكتبة في حيهم..
علي شريبا 8 سنوات: أصبح كل الحي نظيفاً، فالأطفال تعلموا المحافظة على نظافة المكتبة والشارع والبيت، وأصبحت أكثر مسؤولية حيث أذهب إليها لوحدي.
جاد الشريقي 6 سنوات: يقضي معظم أصدقائي وقتهم في المكتبة يقرؤون الكتب التي تساعدهم أمينة المكتبة على اختيارها حسب عمرهم، ونلعب بألعاب المكتبة فنتعلم ونستمتع معاً.
مفيد الشريقي 8 سنوات: تعرفت بالمكتبة على أصدقاء جدد وفيها تعلمنا حب النظام حيث نلتزم بقوانين المكتبة وتعلمنا أشياء جديدة ونحافظ دائماً على نظافتها. مركز ضاحية بسنادا التابع للمكتبة العمومية للأطفال باللاذقية جاء حلاً لأهالي منطقة مهملة خدمياً، حيث لا ساحة ولا حديقة، لكن نأمل أن تعمم هذه التجربة وتصبح في كل حي، نتمنى من المعنيين بالموضوع رفع مشروع اقتراح لوزارة التربية بتحويل المدارس الابتدائية (على الأقل) الفارغة من الطلاب خلال الصيف إلى مكتبات عمومية مفتوحة لجميع الأطفال وأن تحرص على إيصال الكتاب الهادف ليد كل طفل ويافع، وأن تتحول الباحات صيفاً إلى دور لممارسة الطفل كافة هواياته ونشاطاته مجاناً من رسم إلى رياضة وموسيقى تمولها الشركات الخاصة والأيادي البيضاء والجمعيات التي تعنى بالطفولة، يشرف عليهم طلاب جامعيون من فروع التربية كافة وطلاب الفنون والأنشطة الرياضية، لتكون فرصة للطفل والمشرف، فالطفل يجد مساحة لتطوير قدراته وإبداعاته ويفجر طاقاته بدل اللهو بما لا يفيد، والمشرف يجد الفرصة العملية أمامه ليتعامل مع الطفل، فنسهم معاً بإنشاء جيل واعٍ قادر على تحمل المسؤولية، دون تكليف الأسرة أية أعباء مادية إضافية.
تجربة المكتبة العمومية للأطفال في اللاذقية بفرعيها في المركز الثقافي وضاحية بسنادا مهمة وهادفة في مجال الطفولة، ونتمنى أن تنتشر بشكل أوسع لكي نضمن وجود أطفالنا ـ أمام أعيننا وبعيداً عنها ـ بأمان وسلام، فهي تعمل على تهيئة ذاكرة الطفل بحكايات مليئة بالخصب والجمال والفرح، ذلك الطفل الذي يتحدى اليوم الحرب ويذهب برفقة أهله للمكتبة لقراءة كتاب، سيكبر وينمو بأفق وقلب مفتوحين وبخيال نضر وحيّ، هذا الطفل الذي سيبني غداً المستقبل، متمنين هم ونحن أن نجد وراء هذا التعب والجهد الجميل والممتع غداً أفضل وطفولة أجمل.
لمكتبة الأطفال العمومية (بفرعيها) بمؤسسيها ومشرفيها كل التحية والتقدير لما يقدموه لأمل الغد.

رنا محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار