الوحدة- ندى كمال سلوم
كي يظلّ تراثنا العريق متوهجاً على مرّ الزمن، لابدّ من توثيقه بما يضمن وصوله للأجيال القادمة التي يترتب عليها الحفاظ على هذا الزاد الغني.
وفي مادتنا لهذا اليوم، نسلّط الضوء على لقطة تراثية تعكس في تفاصيلها أجواءً اجتماعية رائعة مفعمة بالألفة والمحبة والدفء الاجتماعي، وهي الحلوى التقليدية “هبّول التين”، التي ارتبطت بالعادات والتقاليد الشعبية المتنوعة، والتي يتم تحضيرها في نهاية فصل الصيف، حيث تُقدّم كنوع من الضيافة وكجزء من جهاز العروس أيام زمان.
وفي الحقيقة، يأتي اسم هذه الحلوى جرّاء تبخير ثمار التين المجفف على بخار الماء، حيث تبدأ عملية التبخير ” التهبيل” من خلال صعود قطرات بخار الماء لتُكسب التين الليونة المطلوبة.

وفيما يتعلق باختيار نوع التين اللازم والمطلوب في هذه الحلوى، تختار النسوة الثمار التي تُروى بمياه الأمطار والمسماة “بالعدي” حيث تُفتح الحبّات الجيدة من الأسفل وتُنشر على سطوح المنازل على طبق، أو حصيرة من القصب لمدة عشرين يوماً حتى يجف من الماء ثم يُجمع لتبدأ عملية التهبيل أو التبخير.
هذا وقد تفنن الناس قديماً وما زالوا في تصنيع أنواع الحلوى المتنوعة من التين، وتتجلّى طريقة تهبيل التين بهرسه في جرن حجري حتى يصبح كالعجينة، أو طحنه بالطاحونة التقليدية لتتشكّل في النهاية كرات تسمى “هبابيل”، تزن الواحدة منها حوالي نصف كيلو غرام، ثم يُغطى بنخالة القمح الناعمة “الفريفور” ، أو جوز الهند، أو السمسم، أو المكسرات كاللوز والجوز.
تجدر الإشارة إلى أنّ لهذه الحلوى فوائد جمّة، فهي تحسن صحة الجهاز الهضمي بفضل الألياف، وبسبب احتوائها على الكالسيوم تدعم العظام، وتسهم في خسارة الوزن من خلال الشعور بالشبع، إضافةً إلى تنظيم ضغط الدم والكولسترول، كما أنها تشكّل مصدراً للطاقة والفيتامينات والأملاح المعدنية.