العدد: 9411
الأحد-25-8-2019
تجارب إعادة إعمار فاشلة في العراق، أرقام خيالية لدول عربية وأجنبية، وبنك دولي تحلق تقديراته عن سورية عالياً.
صحوة قد تصارع المجهول لبلدنا الذي أنهكته الحروب، فأفرغت خزائنه لكنّها لم تكسر عزائمه، وقبل أن تشمّر السواعد لرسم خارطة الطريق الحدود، إعمار أم إعمار وتطوير؟ بنانا التحتية تجيب بواقعها عن حالها: كانت بحاجة لتطوير، لكنّا نسينا وذكرتنا الحرب بما فاتنا.
سنتان على استعادة السيطرة على المدن الرئيسية من أيدي العصابات الإرهابية، أكثرنا خلالها الكلام لكنّا لم نصب بالفصام، وعلى كل حال (لا تزال خطوات إعادة الإعمار خجولة جداً) نستشهد بالأستاذ الجامعي والمستشار في الشركة العامة للطرق والجسور د. م محمد شعبان الذي اتسعت سيرته الذاتية بسجّل من المراتب العلمية والمناصب الإدارية لتضم أكثر من عشرة منها يجمع لها خبراته ليقول: إنّ خطّة التمويل غائبة، ومصادره ضبابية وخسائر الناتج المحلي الإجمالي ورأس المال في سورية وصلت إلى 559 مليار دولار منذ عام 2011 حسب تقرير الأسكوا، وتراوحت الأضرار بين 3.6 و 4.5 مليارات دولار حسب تقديرات البنك الدولي الذي وضعها، وشملت دراستها ست مدن سورية هي: حلب، درعا، حماة، حمص، إدلب، اللاذقية، وتضمنت سبعة قطاعات هي: الإسكان والصحة والتعليم والطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والزراعة، نصيب قطاع الإسكان منها كان 65%، وحلب المدينة الأكثر تضرراً بـ 40 % عن سواها واللاذقية الأقل بفعل تردي خدماتها تحت وطأة الضغوط التي شكّلها المهّجرون داخلياً.
د. شعبان في تفاصيل تقديرات كلفة إعادة الإعمار (التقديرات المحلية غير الرسمية قدرتها عام 2014 بـ 200 مليار دولار، والبنك الدولي والبنك الدولي للتعمير قال 500 مليار دولار لنفس العام منها 100 مليار وأكثر كلفة إشادة المباني السكنية فقط) وحدثت قاعدة بيانات الكلف المحلية عامي (2015 -2016) بـ 300 مليار دولار وعام 2017 بين 600 -900 مليار، هذا من دون احتساب تكلفة الفرصة الضائعة.
وقطاع التشييد والبناء من أكثر قطاعات الاقتصاد الوطني تعرضاً للخسائر الكبيرة نتيجة استهدافه أثناء الحروب، وعليه تتركز إعادة الإعمار.
شرّ مستطير
(العراق) خاض تجارب فاشلة تضاعف فيها برنامج إعادة الإعمار عدّة مرات لأسباب عدّة، مختلفة (18 ملياراً في آب 2003، 35 ملياراً في 2005، 75 مليار دولار نهاية 2007)، سلسلة من الإخفاقات توالت نتيجة للسياسة الأمريكية المتبعة لإعادة إعماره والتي شددت على بناء البنى التحتية المادية العراقية من دون بناء المؤسسات التي تقوم بصيانتها ومن دون إنشاء إدارة موحدة أو مرجعية واحدة لإدارة مختلف أشكال التمويل الداخلي والخارجي، وعدم فعّالية هذا الأخير و.. ضياع قسم كبير من التمويل على تدريب خارجي لم يكن فعّالاً والأهم من كل هذا الفساد الكبير غير المسبوق (17%) حسب تقرير منظمة الشفافية العالمية من كلفة برنامج إعادة الإعمار ذهبت للفاسدين وعلى كافة المستويات.
ما يجري في العراق يعد من الدروس القاسية للدول المنكوبة، إخفاق يحلله د. شعبان كدرس يستفاد منه في مرحلة إعادة الإعمار في بلدنا، المستشار والمدرب وعضو الهيئة التدريسية و له رؤى متعددة ينطلق بها من التحديات التي ستواجه البلد، تحديات مالية واقتصادية لا تخفى على أحد من تمويل ومصادره وتكوين إدارته، وتحديات تتعلق بالموارد البشرية والتدريب حيث النقص الحاد بالعناصر المؤهلة لإعادة الإعمار، حرب قضت على أجيال كاملة بين الفئتين العمريتين /15 -45/ قوة العمل الرئيسية من المجمّع، هاجرت عقول خبيرة خاصة بالمهن العلمية والشرائح المتعلمة 15 % من المهندسين، 20% من الأطباء، ليس من السهل عودتها من دون محفزات وبيئة جاذبة.
إلى أين نحن ماضون؟
من الضد يظهر النقيض لا توجد لدينا لإعادة الإعمار تقنيات سريعة في تشييد المباني والمساكن الجديدة بدلاً من المدمرة وبكلف مقبولة.
ولا توجد تقنيات حديثة لهدم المنشآت، تبرز الحاجة ماسة إلى تقنيات تقييم وضع المباني والمنشآت وإصلاحها وصيانتها أو تدعيمها وتقنيات التدعيم لكلف معقولة ولنظام موحد لضبط جودة التنفيذ لجميع المشاريع.
نحن في سورية نعاني من ضعف مستوى الشفافية والإدارة الرشيدة وقد تضاعف الفساد لدينا في سنوات الأزمة لانشغال الدولة بمحاربة الإرهاب وتأمين الأمن والأمان، والأمر مرشح للزيادة أكثر في مرحلة إعادة الإعمار لأسباب مختلفة وتحديداً في مؤسسات التمويل الخارجي (العمولات، المهمّات الخارجية) ومنفذنا الأكيد هو تطبيق مبادئ الشفافية والحكم الرشيد أو الحوكمة والاستفادة من دروس برامج إعادة الإعمار المماثلة والمخاطر قائمة من:
* تخّلف الأنظمة الإدارية والرقابية المالية.
* صرف كتل مالية كبيرة على المشاريع خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً.
* وضع خطط متسرعة لإعادة الإعمار.
* ركب موجة السرعة في تنفيذ العقود الداخلية والخارجية تحت ذريعة الحاجة الماسة.
وأهل قطاع التشييد هم أدرى بشعاب قوانينه ودهاليز عقوده الإنشائية، أربع في واحد تتطلب خلق فرصة لتطوير منظومة عقود متكاملة حديثة لقطاع التشييد والاستفادة من العقود الدولية الحديثة كعقود الفيديك والأربع اللازمات تأتي من انعدام ما يلي:
* بيئة قانونية مناسبة لمشاريع الإعمار تجذب الاستثمارات.
* منظومة عقود متكاملة التشييد تشمل جميع مراحل المشروع من تشييد وتنفيذ وإشراف واستثمار.
* تقنيات وأساليب حديثة لحل نزاعات مشاريع إعادة الإعمار كالتحكيم وغيرها.
* المرسوم 51 لعام 2004 والحاجة لتعديله.
خديجة معلا