العدد: 9410
الخميس : 22-8-2019
كتاب سرد تاريخي رائع للكاتب السوري هشام صالح يحكي عن الحقبة التاريخية التي مرّت فيها أوروبا من العصور الوسطى وصولاً لعصر التنوير، والفلسفة التي مرّت بها في تلك الفترة والمخاضات الحضارية التي تولدت عن الصراعات الدينية لحين وصولنا للحضارة الأوروبية اليوم، مع محاولة الكاتب إسقاط الظروف التي مرّت بها أوروبا بالمقارنة مع الظروف التي مرّ بها الوطن العربي.
أهمية الكتاب تنبع من أهمية الاطلاع على فهم حضارة الآخر، وضرورة التعرف عليها، وإسقاطها على واقعنا العربي الحالي، على الغلاف الخلفي للكتاب يوّضح الناشر لمضمونه فيقول: هذا الكتاب ليس إلا مدخلاً متواضعاً وبدائياً إلى ظاهرة خطيرة حصلت في أوروبا الغربية، وفيها وحدها، ألا وهي ظاهرة التنوير إنّه يحاول الكشف عن الجذور الأولى لهذه الظاهرة، وكيف انبثقت لأول مرّة في إيطاليا، وهولندا، وإنكلترا إنّه يكشف عن الفرق بين ثلاث مراحل أساسية في تاريخ الفكر الأوروبي العصور الوسطى، ثمّ عصر النهضة، فعصر التنوير بالمعنى الحرفي للكلمة، فالنهضة كانت تنويراً، ولكنّها لم تشكل قطيعة (معرفية) كاملة مع العصور الوسطى كانت مرحلة انتقالية، على الرغم من جرأة مفكريها وعظمة إنجازاتها، وحده القرن الثامن عشر، أي عصر التنوير الكبير، استطاع أن يحقّق هذه القطيعة الكبرى التي لا تكاد تُصّدق، والتي لا تزال تُدهِشنا حتى اليوم، فكيف حصلت هذه القطيعة الكبرى في تاريخ الفكر، ومعها الاستقلالية الكاملة للعقل بالمقياس إلى النقل؟ وللفلسفة بالقياس إلى الدِيْن؟ ومن هم أبطالها؟ كيف كانت سيرورتها، أي كيف تمّ الانتقال من الفهم القروسطي أو حتى الظلامي للدْين إلى الفهم العقلاني المستنير للدْين نفسه؟
هذه هي الأسئلة التي يحاول هذا الكتاب طرحها إن لم يكن الإجابة عليها..
يضمّ الكتاب ستة فصول: الفصل الأول يتحدّث عن عقلية العصور الوسطى،
الفصل الثاني يشرح انبثاق الأزمنة الحديثة انطلاقاً من عصر النهضة والإصلاح الديني في أوروبا، الفصل الثالث يوّضح أزمة الوعي الأوروبي والقطيعة المعرفيّة الكبرى متحدّثاً عن مفهوم التنوير ومدلولاته في الفكر الأوروبي، أما الفصل الرابع فيتناول روّاد التنوير الأوائل في أوروبا كـ غاليليو اسبينوزا، الفصل الخامس فقد خُصّصّ لفولتير منارة التنوير الأوروبي، ويختتم الفصل السادس الكتاب بوصف الواقع الديني في عصر ما بعد الحداثة.
لمحة عن الكاتب
هاشم صالح كاتب وباحث ومفكر ومترجم تنويري سوري من مواليد جبلة 1950 ويعد من أبرز المفكرين التنويرين العرب يهتّم في قضايا التجدد الديني ونقد الأصولية ويناقش قضايا الحداثة وما بعدها حاصل على دبلوم دراسات عليا من دمشق عام 1975 ودكتوراه في النقد العربي الحديث من جامعة السوربون عام 1982 عاش في فرنسا لمدة 33 عاماً ويعيش الآن في المغرب ويُعدّ أهمّ مترجم لكتب الفيلسوف الجزائري )محمد أركون) إلى العربيّة وساهم في تعريف القراء العرب به إضافة لعشرات من المؤلفات والترجمات في مجالات اختصاص الكاتب.
مهى الشريقي