الوحدة-سليمان حسين
بعد نظرة شمولية على واقع الكثير من دول العالم المتحضِّر، التي تعيش مجتمعاتها في رفاهية مُطلقة، نجد أنها ترتكز على أساس اقتصادي متين، عماده ثروات باطنية وصناعية، أو أنها تعتمد على عائدات المنافذ البحرية والتجارية، كما أن هناك بلداناً أخرى متقدمة جداً في المجال الزراعي أو التكنولوجي.
بالمقابل، تعتمد بعض البلدان بشكل رئيسي على عائدات السياحة الدينية وزيارة الأماكن التاريخية المقدسة، ومع ذلك يعيش مواطنوها في رفاهية مُطلقة، بعيداً عن حالات العوز.
وبالنظر إلى واقعنا العام، نجد أننا نمتلك الكثير من تلك المؤهلات، ولو بالحدود الدنيا، لكنها بحاجة إلى عناية كبيرة تبدأ بالاستثمارات العالمية عبر شركات متخصّصة، غير أن هذا الأمر قد يجعل الكثير من الموارد الاقتصادية رهينةً للاتفاقيات والعقود الطويلة.
لكن تظل السياحة الملجأ السحري للنهوض بواقعنا الحالي المُتعب، إذ نمتلك الكثير من المقومات السياحية البكر، تتمثل في طبيعة ساحرة، وشواطئ، وأوابد تاريخية، وأنهار، وينابيع طبيعية، وهذا الوضع بحاجة إلى عقلية منفتحة على آفاق التطور السياحي، ونجد العبرة في تجربة الشقيق اللبناني الجار، الذي يعتمد على المقوّمات السياحية، حيث يُعتبر رائداً في هذا المجال، وله مكانة متقدمة على حوض المتوسط، وهو امتداد طبيعي لجغرافيا منطقتنا، وقد نتفوق عليه بالكثير من الأمور التي تؤهلنا لأن نكون في المقدمة، لكن العقلية المنكمشة خلال العقود الماضية لم تترك مجالًا للنهوض بهذا القطاع، إضافةً إلى الانخراط في نزاعات واضطرابات سياسية وحروب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وهذا بدوره شكّل حالة نفور من قِبَل المستثمرين أولاً، والروّاد السياحيين ثانياً، فكان لهؤلاء شرف القفز الآمن إلى دول الجوار السياحي، مثل لبنان وتركيا، وهما الامتداد الطبيعي لجغرافيا بلادنا.
اليوم، فُتحت جميع الأبواب المغلقة، وبدأ الاستثمار الفعلي في القطاعات السياحية التي تُدرّ دخلاً كبيراً يمكن الاعتماد عليه؟ إذ يمكن بناء مستقبل واعد من العائدات السياحية، تُضاف إلى مجمل الثروات التي تتمتع بها سوريا بين دول حوض المتوسط، وكذلك المحيط العربي المتشوّق جداً لعودة البلاد إلى موقعها الطبيعي بين دول العالم.



