دمــــــوع تفيـــــض بالعـــيون وتـــغرق ســـــــفن الرجــــال

العدد: 9399

31-7-2019

في هذه الحرب الموجعة والأيام العجاف ذرفت الكثير من الدموع وحتى أنها أبكت السماء طوال الشتاء، لكنها قد لا تكون حزناً ولا ألماً حيث تتنوع أساليب الدفاع عن النفس والإلحاح على التصديق عند جنس حواء والأطفال أيضاً، وهو ما لا يمكن أن نراه عند الرجال إلا في النادر عندما تكون مصيبة تهد الجبال، ولأن خانتهن الذاكرة والتفكير بلا جدوى وحلول لجأن إلى الحيلة بابتداع صور المغلوب على أمرهن وذرف بعض الدموع التي لا يستطيع أي من الرجال مقاومتها ليكون الرضوخ لأمرها والاستسلام، ويؤكد العلماء أن الدموع تخفف الضغط النفسي والعصبي، وتعتبر غسولاً طبيعياً للعين ومنظفاً لها من الميكروبات كما تخفف من التوتر، وتأثير دموع المرأة يختلف كلياً عن دموع الطفل أو الرجل، فهي كثيراً ما زلزلت القلوب، واجتاحت جوارحها وكهوفها ونالت منها الرضا والقبول، ليقول المطرب أيمن زبيب (ما أصعبها ع الرجال يشوف دموع اللي بحبا) ووائل كفوري ( كل ما تنزل منك دمعة بضلني مش ع بعضي جمعة) فماذا يقول غيرهما من الرجال عن دموع المرأة؟

فواز بدور، مهندس: إنها سياسة تتبعها المرأة الضعيفة لتكسب جولتها، وصحيح أننا نقع في الفخ ونكون ضحية لتلك الدموع الدرامية التي تجيد صناعتها النساء في مواقف وصور مختلفة، إلا أنه بالمقابل تفقد المرأة هيبتها وهالتها ومقدرتها على معالجة الأمور بطريقة موضوعية وصحيحة سواء كان بكاؤها أمام الرجل أو أمام امرأة أخرى دفاعاً عن ظلم وقع عليها .

علي اسكندر، مدرس: في بداية زواجنا كنت أتأثر بدموع زوجتي فأنصاع مجبراً لتلبية كافة طلباتها وأوامرها ليكون عشي الزوجي آمناً وسعيداً ومطمئناً من أي بلاء وشجار، وعندما أحاول أن أفرض شخصيتي وهيبتي في بيت لطالما حلمت بأني السيد فيه، وكانت تكفي دمعتين فقط لأرتد عن ذلك ويخيب حلمي وهي تنال ما يرضيها مني، ولكن مع العشرة ومرور السنوات اكتشفت أن دموعها وسيلتها الأقوى للضغط علي ولهذا لم أعد أتأثر بها اليوم، خاصة أننا نعيش ضيقاً مادياً وهي تعودت على نيل كل شيء مهما كان الحساب والصرف الذي لم أعد قادراً عليه، فلتذرف من الدموع ما تشاء، ويمكن أن أشاركها البكاء !!
ديما اسماعيل، موظفة: تبكي المرأة عندما يستحيل عليها الدفاع عن نفسها، كأن تكون بحالة ظلم شديد وتكذيب، فتنهمر دموعها بشكل طبيعي نتيجة إهانة وشتم وضرب، جميعها وجهت إليها دفعة واحدة وهو ما يجرحها و يحرج كرامتها وكبرياءها، ودموع المرأة ليست عيباً ولا دموع تماسيح كما يدعونها، عاطفتها ما يحرك دموعها خاصة في المواقف الإنسانية ومشاهدة مواقف الظلم والقهر أو وداع أشخاص يعزون عليها، وأيضاً في المواقف السارة والمفرحة ( زواج، نجاح، عودة غائب، شفاء من المرض) يمكن أن نرى دموعها بسبب رقتها وإحساسها العالي الذي يفتقده كثير من الرجال، كما أن الأم لديها غزارة في العواطف والحنان وهو يشكل الجزء الأهم والأكبر من تركيبتها العاطفية الصادقة .
سناء جمالة، معلمة: غالباً ما تكون دموعها أقرب إليها من حبل الوريد، أي أن دمعتها سخية وسريعة وليس البكاء للرجال، وذلك يرجع لضعفها أمام الكثير من المواقف، وتفيض بالأحاسيس والمشاعر الرقيقة فلا تتحمل قهراً ولا ظلماً حتى أنها لا تستطيع التصدي لها، أما الرجل فهو على العكس تماماً، فدموعه تنحسر لمواقف جلل، وهذا ليس لكونها عزيزة عليه وإنما كبرياؤه كرجل لا يسمح له بذلك .
متى يكره الرجل دموع المرأة ؟ سؤال طرحناه على السيد علي كحيلة ، علم اجتماع، فأجابنا بالآتي:
إذا كنت مقتنعة بأن الدموع وسيلة قوية لإقناع الجنس الآخر، ورفع ظلمهم عنك فانتبهي فقد لا تجدي نفعاً معهم جميعاً، وإذا ما زادت دموعك عن حدها وأصبحت تبكين ليلاً ونهاراً ستحولين تعاطف رجلك تجاهك إلى نوع من الاشمئزاز، فالرجال يتعبون نفسياً إذا أحسوا بأنهم السبب في تعاستها وذرف الدموع هو الدليل الأكبر على ذلك، وحتى لا تكون دموعك بسب وبدونه هناك بعض الملاحظات والنصائح لك سيدتي :
لا تتركي دموعك تسيل كنهر جارف لكل تفاهم أو تقارب، وادخريها لمواقف أخرى قد تحتاجينها فيها، وفي المواقف التي تحتاج إلى حكمة ناقشيها مع آدم بعقل وإلا سيعتبر دموعك سذاجة، قد يدرك الرجل أن دموع المرأة سلاح لإضعافه، وقد تكون قسوته ردة فعل لبداية إحساسه بالضعف والرضوخ، وقتها لا تبالغي بالبكاء واصمتي، واستبدليه بموقف آخر، ولا تشعري زوجك بضعفك دائماً، فنحن في زمن لا مكان فيه للضعفاء، حيث الحاجة والقلة من حرب أفسدت عيشنا وطيرت أوجه سعادتنا، كما أن الرجل بحاجة إلى امرأة قوية تشد من أزره وتسانده في طريق نجاحه وفوزه في مناكب الحياة .
سلاح الدموع عند الأطفال حيلةٌ وخداع
السيدة نورما عبد الله: بكاء الأطفال حالة طبيعية ولكل منهم طريقته في التعبير عما يدور بدواخلهم وعند الرغبة في الحصول على يريدون وفي حالات الجوع الشديد ، يعني أن الدموع المنهمرة على خديه ليست دليل ألم وإنما رسائل تعبيرية واستغلال لمشاعر وعواطف الأهل، عندي ثلاثة أطفال لكل واحد منهم طريقته الخاصة ولكن الأكثر شقاوة وبكاءَ الولد الأكبر باعتباره كان مدللاً وكل شيء له ، وعند قدوم أخاه ظن أننا سنهمله فلجأ إلى البكاء وزرف الدموع لاستعطاف العائلة الزرع في نفوسهم أنه ولد مهمل ومظلوم ، وفعلاً دائماً خططه تلقى صدى ومن ورائها يحصل على العطف والحنان وشراء كل احتياجاته. وأنا أريد تقديم نصيحة إلى الأمهات عدم الخضوع والاستسلام لطلبات وإلحاح أمثال هؤلاء الأطفال والابتعاد عن الانفعال والتعامل بصمت وهدوء .
السيدة رزان يوسف: ولدي اعتاد البكاء للحصول على ما يريد وهذا جلَّ ما يزعجني في تربيته فأنا أعمل جاهدة على تأمين كل متطلباته ، هو في سن الرابعة من عمره يعني ما زال صغيراً إلا أنه يضعني في مواقف محرجة جداً عند القيام بأي زيارة فمجرد الدخول إلى المنزل يبدأ بالبكاء وطلب السندويشة أو الأكلات المحببة له، وعلى رغم صغره إلا أن لديه حركات بارعة في التمثيل ، ومجرد ما يأكل القليل منها يرميها ويبدأ بالبكاء طلباً لأشياء ثانية بهدف إشغالي ومنعي من الراحة والاستمتاع بهذه الجلسة فأعود به إلى المنزل ، تكررت هذه الحالة مرات عدة فقررت معاقبته وإعطاءه درساً كلما أراد اللعب والخروج من المنزل أرفض طلبه وأبقيه في المنزل وأشغل نفسي في أعمالي المنزلية وهكذا حتى أصبح يفهم هذه الحالة وتغير سلوكه والآن يطلب مني الذهاب إلى بيت الجيران ويقول “والله لن أبكي ولن أسبب لكِ الإزعاج “وفعلاً كانت الطريقة ناجحة وأتمنى من الجميع استخدام أساليب مناسبة لتعليم أبنائهم عادات صحيحة وسليمة تعود بالفائدة للجميع.
السيد مهران: عادة مفاهيم التربية وأساسياتها والقصص التي يعيشها لأطفال في حياتهم اليومية مع الأم فهي تتعامل مع أطفالها تعرف ما يريدون وإن كانت حركاتهم حيلة واستغلال أم حقيقة ولكن باعتباري مدرس سأقدم عدة نصائح يمكن الاستفادة منها في هذا الموضوع : بداية الأمر عندما يبدأ الطفل بالبكاء والصراخ مراقبة حركاته الجسدية ومحاولة الفحص الجسدي إذ ما كان يعاني من إحدى الأمراض وفي حال اكتشاف العكس يمكنها تطنيش الموضوع .
تكرار عبارة لا أسمعك أسكت وأخفض صوتك لأعرف ما تريد.
الاتفاق قبل القيام بأي عمل وفي حال عدم الالتزام معاقبته ومنعه من الأمر الذي أراده.
عند طلب شراء لعبة أو قطعة لباس العمل على تحبيبه بها وإظهار جماليتها ورغبة أخواته أو أطفال آخرون باقتنائها.
طلب المساعدة في إحضار بعض الأمور وترك فرصة اختيار الوجبة له لإحساسه بأن له رأي في العائلة ، ويجب على الأهل الاعتياد والإصرار على موقفهم سواء كان القبول أو الرفض فلا يستطيع الطفل ابتزازهم عن طريق البكاء والصراخ مهما علت أصواته وإن تنازل الأهل مرة واحدة سيقعون في الخطأ دائماً وتصبح نقطة ضعف عندهم يستغلها الطفل.
هناك دموع أعظم بكثير وهي دموع الأهل المسنين في العمر، هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا سنوات تعبٍ وشقاء.. صبر وإيمان، ولا يمكن أن تذرف دموعهم بهذه السهولة وإنما هي تعبير صادق عن مكنونات دواخلهم قد تكون قهراً على فراق أحبتهم أو شوقاً وحنين، كل دمعة تفتح فجوة كبيرة من أحاسيسنا ومشاعرنا ويجب أن نعمل جاهدين للمحافظة عليها .
ما أجمل دموع فرح الأهل بـأبنائهم والتفاخر بنجاحاتهم، وأصدق وأنبل من دموع الفراق والقهر.

هدى سلوم- معينة جرعة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار