الموز والبندورة تحت مجهر المُزارع والمستهلك

الوحدة:22_1_2025

بعيداً عن المستهلكين والتراجيديا السعرية التي تلاحق المواد الغذائية خلال هذه الفترة، فقد بات معلوماً لدى عامّة الناس أن هناك تبايناً ملحوظاً فيما يخصّ مادّة البندورة وكذلك الموز، حيث تُعدّ البيوت المحمية (البلاستيكية) هي المنزل الأوحد لكلا المادتين خصوصاً خلال أيام الشتاء، وتُعتبر المناطق المخصّصة لهما هي الجهة الجنوبية للساحل السوري بدءاً من مدينة جبلة وصولاً إلى الموطن الأم لتلك الكميات وهي منطقة بانياس الامتداد الطبيعي لهذه المادّة، وصولاً إلى مدينة طرطوس وسهل عكّار الخصب.

لكن المهم في هذه التوءمة الزراعية هو أن الموز فرض نفسه على قسم كبير من هذه المنازل المحمية خصوصاً حول مدينة بانياس، وقد تحوّل الكثير من هواة الزراعات (المحمية) إلى زراعة الموز بديلاً حقيقياً عن مادّة البندورة التي لم تعُد تلبّي طموحهم، قياساً بالتكاليف المرتفعة لإنضاجها ودورة زراعية تُعدّ طويلة نسبياً للوصول إلى موسم بندورة يلعب الحظ كثيراً بتفاصيل وصوله بسلام إلى الأسواق، بعيداً عن غضب الطبيعة الذي يعشق تلك المناطق الساحلية، حيث تتعرّض مِراراً لتيارات عنيفة، غالبيتها تتمثّل بتنين بحري أو عواصف مطرية عاتية تنزع الأغطية البلاستيكية عن الشُتول، عداك عن أوقات التسوّق وخضوع الأسواق لذلك الّلون الجميل، لأن البندورة المحمية وكمياتها الكبيرة تنضج ضمن زمن موحّد تقريباً، وهذا يحتّم على التجّار إشعال مبدأ المنافسة داخل سوق الهال وكله على أكتاف المزارعين وشقائهم المضمّخ بكافة أشكال التعب، الأمر يضعهم ضمن خيارات بطعم المَرار.

فكان الذهاب إلى تبنّي زراعة الموز أهون الحلّين بالنسبة لغالبية مزارعي البندورة، لأن شجرة الموز لا تحتاج الكثير من الشقاء، كما أنّها تتحمّل المضايقات المناخية، لكن المصيدة التجارية عادت لتضع المزارعين ضمن دوّامة أخرى، من خلال الأسعار التي تتلاعب يومياً بفاكهة الموز هبوطاً، وهنا بات المواطن المستهلك هو الخاسر المضمون ضمن هذه الحلبة، حيث يعتبر ربّ الأسرة أنّ تناول الموز ليس ضرورياً له قياساً بالحاجة اليومية للبندورة وعلى جميع الوجبات، وأخذت أسعار المادّتين ضمن سباق محموم على مضمار الشتاء تحديداً، وبدأت تتساوى الأقدار مع الأسعار فأصبح كيلو الموز يشبه كيلو البندورة، حيث تلتقي الطموحات العائلية بتفضيل البندورة على الموز .. لكن طموح المزارع عكس ذلك؟!.

لذلك قد نشهد عودة البندورة الدموية من غور الأردن، فتخلط الأوراق مجدّداً، وتذهب حينها أسعار الموز والبندورة البانياسية إلى عتبات البطاطا (الرخيصة) سيّدة الأسواق والموائد الدائمة، وهنا يبدأ دور الرقابة الصارمة على هذه التحولات بغية حماية المزارعين المحليين وتجنيبهم الخسارة.

 

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار