المقرمـــــــدة.. خالــــــية تمــاماً مــــــن الأميـّة وتحمــــــل تراث السـّـــــــاحل السـّــــــوري

العدد: 9391

 الأحد-21-7-2019

 

سبعة كيلو مترات كافية من نقلك من أعرق الحضارات في القدموس وقلعتها إلى أبرز المتاحف المهتمة بشؤون التراث في سورية وتراث جبال الساحل السوري تحديداً المتواجد في قرية المقرمدة، أعلى تلال قرية المقرمدة ترتفع ما يقارب الألف متر والقرية تتربع على ارتفاع 800 متر، وفي تسمية (المقرمدة) هي المزركشة والمزينة، خاصة بلون الآجر الأحمر حيث يوجد في القرية بقعة أرض تحتوي على نوعية تراب تصلح لصناعة الآجر والفخار، وهي كانت تستثمر لصناعة الجرار الفخارية التراثية، وأيضاً المقرمدة من صعوبة طقسها (المقرمد) من شدة الشتاء البارد، ثقافة أبنائها مرتفعة جداً ومنذ ستينيات القرن الماضي لا توجد بها حالة أمية واحدة، ولأن طبيعتها ساحرة تشتهر بزراعة التفاح وبعض الأشجار المثمرة التي تلائم طقسها للاكتفاء الذاتي، وأغلب سكانها من الموظفين ولكنهم لم يتخلوا عن زراعة أرضهم، في هذه القرية هناك جمعية تعنى بحماية البيئة واسمها جمعية الصنوبر لحماية البيئة والتي تقوم بأنشطة ضمن المنطقة مثل المعارض وندوات بيئية وحملات نظافة وحملات تشجير ورحلات بيئية سياحية منوعة ومسير جبلي، كما قامت الجمعية بمشاركة أغلب ورشات وزارة البيئة، وأهم أهدافها خلق وعي واهتمام بشؤون البيئة وحماية التنوع الحيوي وإقامة الندوات والمعارض والتنسيق والتعاون مع الجهات الرسمية المختصة والتنسيق أيضاً مع وسائل الإعلام كافة فيما يهم شؤون البيئة.

أحد أهم ما يميز هذه القرية وجود متحف تراثي فيها، وهو عبارة عن منزل ترابي قديم تمّ ترميمه وتحويله إلى متحف ومقر لجمعية الصنوبر بجهود المعلمة المتقاعدة جمانة عباس حرفوش التي أعطتنا هذا الكم الكبير من المعلومات وعن ما يوجد داخل هذا المتحف وهذه الجمعية أجابتنا قائلة: داخل هذا المتحف مقتنيات تراثية قديمة مقسمة عدة أقسام:
مقتنيات المنامة ومنها العرزال وسرير الطفل، ومقتنيات الفلاح والمزارع ومنها أدوات زراعية كالنير والصمد والمنجل وصندوق العنبر لحفظ الحبوب وقصعة العجين وأقداح خشبية والفأس والمهدة والمدري والمرج (النورج) ومجرفة الثلج وبلانة البيدر والراوي والمضخة والمثقب اليدوي وهناك أيضاً أدوات خشبية كالمغزلانة والطيار ومجرفة البرغل والمسلكة ومكتّ الدخان والمسرجة والكرسي الخشبي، ومقتنيات فخارية كخابة الماء والبرش لحفظ المواد الغذائية وجرة وأبريق وخضاضة لبن ومقلي فخار، ومقتنيات مصنوعة من أعواد الريحان كالكيلة والقفة والمكنسة والجيزان والساطرة للمونة والكمامة وأيضا هناك القشيات وهي عبارة عن أطباق مصنوعة من القش والجميم والجوني والمتقمة وخزانة العروس ومجمع الخبز والمحارة والسانونية، وهناك أيضا بعض النحاسيات مثل مقلي النحاس والطشت ومكواة وطاحونة ودلة ومصب القهوة وطاحونة اللحمة، ومن المقتنيات أيضاً أدوات الإنارة كالبصبوص والفانوس والسراج وقنديل الشريط الكاز واللكس وهناك مقتنيات أدوات موسيقية كالربابة والطبل والزمر والمجوز والناي بالإضافة لتلفزيون وراديو قديمين، وهناك أعمال طينية كالسدون والخالية..

 

ومن الاهتمامات التراثية التي تقوم بها الجمعية أيضاً اهتمامات مادية وغير مادية، الاهتمامات المادية هي زراعة أرض لصالح الجمعية بنبات الزعتر وتسويقه، ومن أبرز الاهتمامات غير المادية هي إقامة العرس الشعبي على الطراز القديم واللباس التراثي في الساحل السوري لكافة الأعمار والمحاضرة عن العادات والتقاليد والأغاني التراثية والأكلات الشعبية، ومن نشاط الجمعية أيضا إقامة المعارض المتنوعة من منتجات المرأة الريفية كالمربيات والعصائر والخل والجوز وتين يابس وبطم وشامبو زيت الغار ورسومات للأطفال بما يخص البيئة من خلال نادٍ بيئي للأطفال بعنوان بيئتنا بحمايتنا.

وتتميز القرية أيضاً بإقامة مهرجان سنوي يسمى مهرجان العائلة كل عام (كان لازال قائماً حتى بداية الأزمة الراهنة)، ويتم تكريم المتفوقين وتقديم مواهب الأطفال في كافة المجالات ويستدعى عليه الأصدقاء من شعراء وأدباء من خلال تحديد يوم سنوي من قبل لجنة خاصة لتنظيم المهرجان، وهو بالأساس مهرجان لقاء العائلة السنوي وأغلب العمل فيه طوعي والنشاطات الحالية فيه هي موروثة عن الأهل والأجداد، وأغلب الأكلات الشعبية التي تتخلل هذا المهرجان متنوعة وجميعها أكلات قديمة، ومن أبرز الأكلات الشعبية في القرية: الترموسة والمحموسة ومتبلة الذرة ومتبلة الشعير وكبيبات بسلق وفطاير بسلق على التنور والبرغل بكافة أنواعه وأقراص بشوافة وزليبة وكعك التنور وكرابيج الذرة واللقاسات والكشك والسيالات والمقيريطة والقراطة..

 

في الختام قرية المقرمدة التي لا زالت تحافظ على تراث الساحل السوري تستحق أن تكون من أوائل القرى المحافظة على هذا الإرث التراثي الذي يضمحل قليلاً قليلاً في باقي ريف الساحل السوري، ولأن أهلها أهل العلم والكرم فهم بانتظار أي زائر لها وكأنه من أبناء القرية نفسها.

عادل حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار