العدد: 9390
18-7-2019
معادلة ثلاثية الأبعاد يطرحها واقع زيت الزيتون (المزارع، المستهلك، التاجر).
ارتفاع تكاليف الإنتاج التصاعدي أثر على هامش الربح عند المزارع وجودة خدمات بستان الزيتون، فيما ارتفاع أسعار زيت الزيتون ساهم بنشر ثقافة جديدة على المواطن السوري كشفت ضعف القدرة الشرائية بالتحول إلى الشراء بالليتر أو شراء (بيدون زيت) بالتقسيط وتراجع ما كان متداولاً بتعبئة مونة الزيت بكميات تغطي حاجة العام بينما دخول تجار كبار إلى سوق الزيت واحتكاره والتحكم بسعره أدى إلى سحب المنتج وارتفاع سعره.
أمام هذا الواقع فإن الأكثر تفاؤلاً يتخوف من التدخل الإيجابي للدولة عبر ذارع السورية للتجارة لتصريف زيت الزيتون وتصديره وضبط سعره بما يحقق معادلة طرح الزيت بالأسواق بالليرة السورية بما يتناسب مع دخل المواطن وتصدير قسم آخر. مذكراً بتجربة تسويق الحمضيات التي أثبتت فشلها عاماً بعد آخر بوجود لجان حولها إشارات استفهام، ليبقى المستهلك هو الحلقة الأضعف.
لغز حيّر المستهلكين
فجأة وبدون مقدمات قفز سعر بيدون الزيت من 3000 إلى 13000 بين عامي 2016-2017 وخلال فترة ثلاثة أشهر اختفى الزيت تقريباً من منازل المزارعين وبعض الأسواق بدخول ثلاثة أو أربعة تجار كبار جمعوا الزيت، وبعد جمعه ظهرت عقود تصدير الزيت بكميات كبيرة، ودخل الاحتكار للتحكم بالأسعار.
خصوصية مادة الزيت بالتخزين التي تختلف عن الحمضيات تخرجها من مسألة العرض والطلب بوجود تجار كبار يمكن أن يجمعوا محصول الموسم القادم والمتوقع أن يكون وفيراً للتحكم بالأسعار، ومن لديه كميات كبيرة وثري يمكن أن يخزنها ويبيعها بما يناسبه بينما يضطر لتصريف الزيت وتسويقه من لديه بين (10-50) تنكة ليعيش كمصدر دخل. وهذا يضع توقعات انخفاض سعر الزيت على المحك في موسم وفير الإنتاج حمل بشائر الخير والبركة.
التاجر يأكل ( البيضة والتقشيرة) والمزارع ينوء تحت عبء تكاليف الإنتاج
قال علي جردي مزارع وصاحب معصرة الجردي حول سعر الكلغ الواحد من الزيت بمروره من المزارع إلى المعصرة ثم تاجر الجملة وصولاً إلى تاجر المفرق يتراواح بين (1100-1200) بالجملة ليصل بالمفرق إلى (1400-1500)ل.س.
والقصد بتوصيف تاجر الجملة هو من يأخذ بين 10 تنكات زيت وصولاً إلى 1000 تنكة، ولا يعامل معاملة تاجر المفرق، وهم تجار من دمشق وحلب والمحافظات كافة.
ورداً على تساؤل لماذا وصل سعر بيدون الزيت إلى (27000-30000) ل.س؟
ردّ السبب إلى التواصل المباشر عبر سنوات والعلاقات الشخصية مع ترسخ الثقة بجودة الزيت بين الشاري والبائع إضافة إلى الشراء مباشرة من المزارع بالتقسيط للأصدقاء والمعارف والبيع بكميات قليلة.
وأمام انتشار ثقافة استهلاك جديدة على الشعب السوري مع ضعف القوة الشرائية لذوي الدخل المحدود والتحول من شراء المونة لمدة عام إلى الشراء بالكيلو والتعامل مع الزيت بميزان الذهب أو بالقطارة أكد جردي أنها منتشرة وقد يصل الطلب إلى شراء أوقية زيت، لأن العائلة الفقيرة ومن ذوي الدخل المحدود المعتمدة على الراتب الشهري لا يمكنها شراء تنكة زيت تعادل بسعرها الراتب إلا بالتقسيط ما سبق نقلني إلى تساؤلي إذا كان التاجر هو من يحقق الربح الفاحش (يأكل البيضة والتقشيرة) ما هو واقع مزارع الزيتون الذي ينتظر الموسم وزراعة الزيتون؟
تحدث عن تكاليف الإنتاج التي ترتفع بشكل تصاعدي ليبدأ من تكلفة حراثة الدونم التي تتراوح بين 5000 و 7000 ل.س، وبالنسبة للسماد كان الطن الواحد 6000 ل.س ارتفع إلى نحو 200،000 ل.س، وكان الطن الواحد من السماد العضوي 1700ل.س ارتفع إلى 70000 ل.س فيما ارتفعت تكلفة تقليم الشجرة من 50 ل.س إلى 500 ل.س وتوقف عند الأدوية المستخدمة لرش الحشرات والتي لم تؤثر بمحاربة عين الطاووس، كانت الأدوية فعّالة سابقاً لكن اليوم مرتفعة السعر ومشكوك بفعاليتها إن لم تكن فاقدة الصلاحية. وبالانتقال إلى تكاليف الجني التي تغيرت لترتفع نسبة تكاليف القطف من 12% إلى 30% بالنسبة للعمال مع مراعاة تراجع عدد اليد العاملة نتيجة الظروف وخصوصاً بالساحل مع البحث عن وظيفة بقطاع عام.
أمام هذه التكاليف وفي جزء منها تراكمت الديون على المزارع وسيسعى لبيع جزء من إنتاجه للوفاء بالتزاماته.
وتوقع جردي أن يرتفع الطلب على الزيت مع بداية موسم (مونة المكدوس) عبر سنوات كان سوق الريجي القديم مقصداً لباحثين عن شراء الزيت والزيتون بالمفرق لكن بالسنوات الأخيرة تراجع الطلب على هذه المادة في المحال المخصصة لبيعه، ومنها أبو مجد بلافتة تستقبل الزبائن بعنوان (زيت زيتون القنجرة الممتاز) لكن أبو مجد بدا مرتاحاً بجلوسه على الكرسي بغياب الزبائن وضعف حركة السوق مع وجود عطون بسعر 1000 ل.س للكلغ الواحد والزيت 1500 ل.س وزيتون أخضر مخلل بسعر بين (650-800) ل.س في المحل وضع جانباً تنكات الزيت ليفسح المجال لنصب بسطات للخضار بانتظار الموسم القادم ومراقبة حركة السوق، وأكد إذا بقي السوق على ما هو عليه سيتحول إلى بيع الخضار.
في محل آخر ليس الحال بأفضل بالنسبة لحركة البيع والشراء غاب الزيت ليحضر الزيتون والعطون.
استوقفني أمام محل بذورية سؤال أبو أحمد وزوجته عن سعر كيلو الزيتون الأخضر المخلل ليأتي الرد 1000 ل.س غادر ولم يشتر بينما كانت عبوات بلاستيكية من نوع دريكيش ممتلئة بالزيت يسعى أبو نبراس لتصريفها بسعر 1600 ل.س .
شركات تعبئة وتسويق
دخول شركات تعبئة زيت الزيتون في عبوات بأحجام مختلفة مع وضع لصاقة عليها تحمل هوية الزيت ومواصفاته فتح باب التصدير بنشاط من أصحاب الشركات، لكن اللافت ارتفاع أسعارها قياساً بالشراء المباشر من المزارع أو تاجر المفرق (دوكما دخلت سوبر ماركت) للبحث عن عبوات زيت زيتون وجدت عبوات لشركة حسين ناصر تتربع على أحد الرفوف بأحجام مختلفة، قال صاحب المحل : تندرج العبوات البلاستيكية المعبأة حسب الأحجام من ربع كيلو بسعر 650 ل.س إلى ليتر بسعر 2500ل.س مع ملصق بالمواصفات . وكشف عن وجود زيت لديه بتنكات يبيع حسب طلب الزبون بالمفرق بسعر 2100 ل.س للكغ الواحد.
وداد إبراهيم