“ساحة الدار” بعبقها وحضورها تملأ فضاء الاتحاد

الوحدة :18-11-2024

الأديبة “لودميلا ندّه” درست الأدب الإنكليزي في جامعة تشرين، تترجم القصة والشعر، تنشر في دوريات اتحاد الكتاب العرب (الأسبوع الأدبي والآداب العالمية)، وفي دوريات الهيئة العامة السورية للكتاب (مجلة جسور الثقافية ومجلة المعرفة). صدر لها مجموعة مترجمة للأطفال عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان: قلب بطل، وساحة الدار، هذا النتاج الإبداعي الجديد للأديبة، الذي تمت ترجمته بفيض من المشاعر الإنسانية الرقيقة، فتلونت قصص المجموعة التي اختارتها بدقة من الآداب العالمية لمجموعة من كتّاب القصة تلونت بعبير الأديبة الممزوج بالرهافة والنبل.

بهذا التعريف استهلت الأديبة “أمل حورية” عضو هيئة المكتب الفرعي لاتحاد كتاب اللاذقية حفل توقيع وتوزيع كتاب للمترجمة “لودميلا ندّه” (ساحة الدار) الصادر عن دار بحر للنشر، وذلك في صالة الأنشطة بمقر الاتحاد وسط حضور كثيف ملأ أرجاء المكان ضمن جو مفعم بأريج الثقافة والأدب القصصي المترجم، وبشهادة تعريف بالكتاب المذكور.

والبداية مع الأديب عاطف صقر:

الترجمة هي مغامرة حقيقية ومسؤولية كبيرة، وتحتاج للموهبة والاحترافية وهذا ما امتلكته الصديقة الأديبة لودميلا ندّه، التي لم تكتف بجانب واحد من المغامرة بأن تترجم كتاباً محدداً لكاتب محدد، بل زادت على ذلك بأن قررت و على مسؤوليتها وذائقتها ورؤيتها أن تختار عدة نصوص لعدة كتّاب من عدة بلدان.

وتعتبر الترجمة دائماً باباً للفضول والاستكشاف والمقارنة والمعرفة. ولطالما ساهمت في التمازج الحضاري، وفي تطور العلوم والفنون وتقاس جودتها بمدى قدرة النص المترجم على الإحاطة بجميع ما اكتنفه النص الأصلي من معلومات ومن عواطف، ومن إيماءات ودلالات وإسقاطات فلسفية وفكرية وتراثية، وحتى بنيوية وسردية ولغوية فإذا كان من أحد توصيفاتها بأنها خيانة للنص، فإنها بلا ريب ومن منظور آخر خدمة للنص، وخدمة للمعنى وخدمة للثقافة الإنسانية. ثم تحدث صقر بإيجاز عن قصص المجموعة التي حملت عناوين: ساحة الدار- الرحلة- ما أعاده المد- الرجل في المرآة- جائعة كالذئب- من وزع الأوراق- العودة إلى مزرعة الكستناء- عبر الجسر- الوداع الأخير- موت في الغابة. وختم بقوله: في واقع مترد بجوانبه الفنية والفكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها، قد يرى البعض أن الفن ترف، والثقافة لزوم مالا يلزم، والأدب للنخب، لكن الحقيقة أن النهوض بالمجتمعات يتطلب كل ذلك معاً. وفي هذا المقام أجد أنه من العلامات المضيئة أن يوجد أفراد ومؤسسات لا تزال تدرك الدور الهام للثقافة وللكتاب وللمعرفة وللترجمة وتدعمها ولو بالإمكانيات المتاحة.

* الأديب وائل بحري:

أول معيار للترجمة هو الاختيار، وهي مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المترجم بوصفه الناقل الثقافي.

لقد تصدت لودميلا ندّه لمهمة كبيرة في ترجمتها لهذا الكتاب ونجحت فيها نجاحاً رائعاً، إذ اختارت مجموعة من القصص المتباينة في مواضيعها، وهذا يعتبر عملاً شاقاً للغاية، ويتطلب الكثير من الجهد والقدرة على المرونة. فالقصص أولاً ليست لكاتب واحد، أي أن أسلوب الكتابة مختلف في كل قصة، وثانياً: ينحدر الكتّاب من فترات زمنية ومشارب مختلفة، أي أن ثمة فروقات ثقافية، وفي بنية هذه القصص لجهة لغة الكتابة ومدارسها.

إنه اختيار بارع من المترجمة، فهي أرادت أن تقدم لنا نصوصاً عميقة وقصصاً تعلق في الذاكرة، لا سيما أنها نقلتها بمنتهى الحرفية.

من جهة ثانية أود الإشارة إلى الرشاقة اللغوية التي تتمتع بها المترجمة (فهي من أسرة أدبية والدتها الكاتبة المبدعة هدى وسوف) غني عن القول بوجوب أن يكون المترجم ملماً بكلتا اللغتين إلماماً تاماً. وتكمن براعة لودميلا في اختيارها للألفاظ والصفات المناسبة باللغة العربية، مما يجعل القارئ لا يشعر بأية ركاكة أثناء القراءة.

وأثناء قراءتي للمجموعة لفت نظري توظيف المترجمة المبدعة لودميلا حسّها الأدبي العالي وخيالها الخصب، وقدرتها على الانتقال من السرد النثري الخالص إلى لغة شعرية عالية مما جعلها تقبض على الجملة الإنكليزية بقوة، وتعيد تفكيكها، ثم هضمها، وإعادة إخراجها وصياغتها بأجمل ما يمكن بالعربية، دون المساس بالمعنى أو روح النص الأصلي، وفي الحقيقة لا أبالغ إذ قلت: إنه أمر قلما نراه لدى مترجمي الأدب حالياً.

بقي للقول: مسك ختام الفعالية كان ممهوراً بتوقيع وتوزيع نسخ كتاب ساحة الدار من قبل الأديبة المترجمة لودميلا ندّه على الحضور الحريص على قراءة المجموعة والغوص في عوالم قصصها المنوعة اللافتة.

 

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار