رحلة مِن ظلمةِ البصر إلى وهجِ البصيرة.. د. ريم هلال: (لا أبتغي أنْ أرحلَ، وفي ظلمةِ أدراجي ورقةٌ تنام)
الوحدة:10-11-2024
طلتها على المنابر تشبه انبثاقَ النور من قلب العتمة، صوتها يضوع منه عطرُ ملاك يتناثر رذاذاً من كلمات..
الأديبة الشاعرة الدكتورة ريم هلال التي لها رحلة ممتعة في عالم الأدب، وقاطرات من الكتب والشغف والياسمين، الياسمين الذي يشبه بياضَ كلماتِها، كان لها مع متابعي جريدة الوحدة هذه الإطلالة:
*فعن اللون الأدبي الذي خَطَته مع بداياتها تشير الدكتورة هلال بالقول:
(بدأتُ مسيرتيَ الأدبيَّة بالكتابة الشعريَّة، هذه التي صار لي خلالها عشر مجموعات، أولاها “العرّافة” وآخرها “من عكاظ أتيتُ”، وقد تضمَّنَت من القصائد والمقطَّعات التي عبَّرتُ من خلالها عمّا انتابَني من مشاعر، حيالَ تجاربيَ الذاتيَّة، وتجارب الآخرين التي شهدتُها، وصُوَر الحياة بعامَّةٍ، وعناصر الطبيعة التي كم تُدهِشُني بإعجاز خَلْقِها:
مرَّتِ اليومَ بغرفتي..
شمسُ الصَّباح..
ورَمَتْ لي من ضيائها نهراً..
ثُمَّ مَضَتْ..
ولم تسألني عليه أجراً..
*وبعد أنْ خضتِ غمارَ بحور الشعر، إلى أين كانت وُجهةُ شراع إبداعِك؟
تواكُباً مع كتابتيَ الشعريَّة، اتَّجهتُ كذلك إلى الكتابة النثريَّة، حرصاً منّي على إدراك قرّائي لغتي الأدبيَّة التي تتسمُ هنا بما هو أكثر وضوحاً ومباشرةً، بالقياس إلى اللغة الشعريَّة التي يشتكي القراء غالباً من كثافتها وقربها من الغموض. وقد ضممتُ خواطريَ النثريَّة في ثلاثةٍ من مؤلَّفاتي: من مُفَكّرتي – ماذا – سطور:
“لا تَرُدَّ خائباً من أتاكَ يطلبُ العفوَ، فهو يكون قد اجتاز كثيراً من الوعورات، قبلَ وصوله إليك.”
*وتالياً؟
تالياً، وإلى جانب كتابَتَيَّ الشعريَّة والنثريَّة، خضتُ في الكتابة القصصيَّة، فكان منها كتابي الأهمّ من بين أعمالي كافَّةً “البصر والبصيرة” الذي دوَّنتُ فيه سيرتي الذاتيّة آملةً أن يشكّلَ رسالةً إلى الإنسان في كلّ زمانٍ ومكان، بشأن الله تعالى الذي إن أخذ منّا شيئاً عوَّضَنا أشياء. وضمن المجال القصصيّ ذاته هناك كتابي “أحكي لكم” الذي ضمَّنتُه قصصاً قصيرةً جدّاً، لا تتجاوز الواحدة منها بضعة أسطر، ذلك في سردٍ فنيّ مكثَّف للحدث بعيداً عن الإسهاب الذي كم يكون أحياناً فارغاً. كما تجدر الإشارة إلى تشكيل قصص هذا الكتاب تكملةً للبصر والبصيرة، من حيث كونها حقيقيّة الأحداث لا خياليّة، إذ إنها القصص التي قدَّرَها الله علينا تقديراً، وما علينا – نحن الأدباء – إلا أن نلتقط أطرافها ونتوهّج شعوريّاً إزاءها.
*وماذا عن الرسائل المتبادلة بين والدك وأديب البحر (حنا مينة)؟
هو ما أعتبرتُه جنساً أدبياً أخيراً حاز اهتمامي ودخل كتاباتي، ذلك كان (أدب الرسائل)، إذ ألفيتُ بين يديَّ مجموعة رسائل كان قد تبادَلَها الأديب حنّا مينه وصديقه أبي خلال بضع سنوات، فعملتُ فيها جمعاً وتنسيقاً خلال سنواتٍ أيضاً، حتى انتهيتُ إلى جعلها في كتاب بعنوان “رسائل حنّا مينه وأبي”. كما أضيفُ ضمن المجال ذاته كتابي “إليهم كتبتُ” الذي جمعتُ فيه ما تفرَّقَ عبرَ سنوات مسيرتي الأدبيَّة من ردودٍ على رسائل أصدقائي وقرّائي، معبّرةً لهم عن محبَّتيَ التي تكوَّنَت في نفسي تجاههم، ومدى اهتمامي بما يكتبون إليّ.
وفي هذه المرحلة الحاليَّة من مسيرتي الأدبيَّة، ارتأيتُ بدلاً من أن أَصوغ المزيد من الأعمال الأخرى، أن أنكفئ على مراجعة ما تبقّى بحوزتي من مخطوطات، لعلّي أنجزها كتباً جديدة ، وأعدّها للنشر قبل أن يفوت أوان أيّ منها (لا أبتغي أن أرحل وفي ظلمة أدراجي ورقةٌ تنام).
*وعن علاقتها بمواقع التواصل الاجتماعي التي صارت الملاذ والنافذة للجميع، وبالأخصّ المبدعين تختم:
خُلاصةً لتجربتيَ الحياتيَّة والأدبيَّة التي عشتُها خلال أيّام عمريَ المديدة، ولم يكن من داعٍ للمزيد من تكرارها بفعل معرفة الكثيرين بها، انتهيتُ إلى تأليفي عشرين كتاباً، في طبعات إلكترونيَّة شملت هذه الكتب بأكملها، وفي طبعات ورقيَّة اقتصرَت على بعضها، إذ آثرتُ هذا النشر الإلكترونيّ الذي من شأنه أن يُوصِلَ كتبي في نُسَخٍ لامتناهية العدد إلى من أمكَنَ من البشر عبرَ أرجاء الأرض، وكذلك على امتداد ما أمكَنَ من الزمان، ذلك لكوني أحسُّ توقاً إلى انفتاح الذين سيأتون من بعدي عبرَ العصور، على ما دوَّنتُ في سطوري من لحظات ووقفات، كما شأنِ الذين يُعاصِرونني، أو بالأحرى إنه توقي إلى بقاء تجربتي بكلّيَّتها بما تنطوي عليه من تفرُّد في منظور الكثيرين الذين يقرؤونني ويتعايشون معي. علماً أنني نشرتُ هذه الكتب في مجموعةٍ لي على موقع التواصل الاجتماعيّ “فيس بوك” بعنوان: د. ريم هلال – تحميل كتبي، وفي مكتبة نور على موقع جوجل، إذ يمكن دخول صفحتي في المكتبة من خلال الكتابة على جوجل: د. ريم هلال مكتبة نور. أمّا بالنسبة إلى النُّسَخ الورقيّة لكتبي، فقد بات من العسير حصول القرّاء عليها، بفعل ما يعتري إيصالها من معوّقات لا تنتهي، يمكن إجمالها في محدوديَّة عددها، ونفاد ما في حوزتي من بعضها، وصعوبة مرورها عبر الحدود المكانيّة التي تُقَنّن وصولها، وما باتت تُرَتّب من كلفة ماديَّة باهظة تواكُباً مع ارتفاع ملحوظ في أسعار الورق.
جورج إبراهيم شويط