الوحدة :21-10-2024
شلالات متدفقة من مشاعر وأحاسيس عميقة تناجي الروح وتداعب آذان من يصغي إليها مشكلةً عالماً مفعماً بأرقى مكنونات النفس البشرية من فرحٍ وحزنٍ ودفء وعشق وحبّ الإنسان لأخيه الإنسان وحبّ الوطن الغالي الذي لا يتوقف ولا ينضب على مرّ الزمان، إنه عالم الشعر الذي يعكس واقع الحياة وتجاربها… هذا هو حال الظهريّة الشعريّة التي أقامتها مديرية الثقافة باللاذقية ضمن فعالياتها ونشاطاتها الثقافية المتنوعة التي تشكل رافداً حقيقياً للحركة الثقافية في اللاذقية.
الظهرية بعنوان (نشيد الوطن) شارك فيها كلّ من السادة الشعراء: زكريا عليو – أديبة حسيكة – مخلوف مخلوف، وذلك في قاعة الأنشطة بالمديرية… قدّم الظهرية الأستاذ سمير مهنا المرشد الثقافي في دار الأسد، حيث رحبّ بالسادة الشعراء المشاركين، وافتتح الظهرية بكلمات شعرية معبرة عن هذا اللقاء الشعري المتميز، فكان مدخلاً لما قُدّم من قصائد متنوعة المضامين والأفكار.
والبداية مع الشاعر زكريا عليو الذي تربى على عشق الوطن، وحمل هذا العشق في وجدانه وقلبه، فجاءت قصائده معبرة عن هذا الحب الرائع… حاز على المركز الأول في مهرجان “همسة” الدولي بمصر من خلال مشاركته بقصيدة نثرية، يكتب الشعر الوطني والوجداني ومشارك في أغلب الفعاليات الثقافية… للشاعر ديوان قيد الطبع بعنوان: “من أيقظ قابيل”، وقد ألقى في هذه الظهرية قصديتين الأولى بعنوان (الشام شامخة) والثانية بعنوان (الناس تُمنحن)، ومن الأولى اخترنا الآتي:
الشام شامخة والله حاميها…
بشار قائدها للعز بانيها…
من وحيه نهلت أطيار غوطتها…
وميسلون سمت مجداً روابيها…
أكرم وأنبل بفرسان لها رصدوا…
أرواحهم لو أتى يوماً أعاديها…
لهم قلوب لعشق الأرض قد نذرت…
لو أنّ خيل الوغى راحت تناديها…
ومن قصيدته الثانية اخترنا أيضاً ما يلي:
يا أمةً أكلت أبناءها الفتنُ…
في جسمها أنشبت أنيابها المحنُ…
عارٌ علينا ونصل الجهل يذبحنا…
كيف السبيل وقد تاهت بنا السفن…
نرجو خلاصاً لعلّ الله يمطره…
عقولنا صدئت يقتاتُها العفن…
* المشاركة الثانية في هذه الظهرية للشاعرة والفنانة التشكيلية أديبة حسيكة، عضو جمعية نادي أوغاريت الثقافي، لها ديوانان شعريان هما: (ورد أضاء دمي) (صباح بلا عيون)، تجلّت مشاركتها بقصائد شعرية وطنية وجدانية ومقاطع من بعض النصوص النثرية، بالإضافة إلى مقطعٍ من الشعر المحكي، ومن قصيدتها التي حملت عنوان: (لا نار تبرح مهجتك) اخترنا المقطع الآتي:
من يلتفتْ إذا هبّ جوعك…
ينتفضْ…
ويمزق وجه اللثام عن بقايا…
إرثك الجبليّ…
عن خبز خدّك القمحي…
يجاهر بالآه…
تُروى باللظى من رحيق جدولك…
عن وردةٍ اغتصبتْ ذراها…
على شلحِ يديكَ عطر زنبقةٍ…
تردّتْ…
وتعرّى لون مخملك…
من يزرع دمكَ حصاداً…
ويجزّ عنقَ بيدركْ!…
بخفة رعشة تدنو…
إلى حزن كاتساع الموت فينا…
* المشاركة الثالثة للشاعر والروائي مخلوف مخلوف مدير ملتقى أوتار الأدبي، أصدر ثلاث روايات هي: (في البال ما يمكن)، (مرافئ الأحزان)، (بتوقيت دمشق)، والأخيرة صادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان “للحديث بقية”، وهناك عدد كبير من المجموعات الشعرية قيد الطبع، شارك في هذه الظهرية بقصائد عديدة منها: (اغتراب) ومنها اخترنا ما يلي:
يقول الغريب للغريب…
مذ كان المكان…
كنّا أنت وأنا…
غريبين في محطةٍ للسفر…
كان الجوّ ماطراً…
وما لبثتْ أن جعلت تسري…
في شرايين الأرض رائحة
المطر…
كما ألقى قصيدة أخرى حملت عنوان: (عرب ولكن) ومنها المقطع التالي:
قلتُ انتظرني…
بمعطفك الأخضر الطويل…
كي نعرجَ – كما الأنبياء…
أنتَ وأنا…
وهذا المساءُ…
انتظرني لأحضر قبري…
لأنصب صليبي العالي…
المتعالي…
وأصعد عليه…
كما صعدَ المسيحُ يوماً باحثاً…
عن وجه أمه…
أو أبيه…
ندى كمال سلوم