أسعفي وجعي

العدد: 9384

10-7-2019

ها أنا يعودني فرح كاذب كان يمشّط شعر الغيم، ويدخلني في طقس الصمت،
صور تتدافع ترسمني وجهاً مطموراً بالبؤس، ولطالما خبّأت حزنه في حنايا أضلعي.
***
شجاني صوت عصفور (أبي الحنّ) ذاك المنفرد في عيشه، لا يساكن أحداً من جنسه، وإن مرةً التقيا يباشران العراك.
هو وحيد أبداً، ينقل خطوه على حوافي السواقي، ويفلّي ريشه على أشواك العوسج،
أحسن بروحه تشبه روحي مع فارق بسيط وهو أنني لا أحب عراك بني جنسي أو أي جنس آخر.
***
شجاني صوته وطوّقني بألحانه وتغريداته، وأطبق علي صمت يشبه صمت المقابر فمخرت عتم الأزقة وصديقتي تلك التي أحببتها ذات مطر تعثر بالمصابيح، تحمل في عينها صرةً من الفجر وقد أغفلها النوم فراحت تلهث شوقاً بعد أن أتعبتها ندوب السعي إلى لقاء من تحب، وشرّدتها مرايا السفر الذي استفزّ الدمع بعينيها حيث أن فمها كان بخيل البوح.
***
صديقتي تلك، زعفرت وجهها كالصباح، فقدمت صعلكتي لعينيها وأخبرتها أن القصيدة قد غابت أضحت كسيحة ًوأنّ الأيام والليالي من بعد غيبتها يتناهبها الرصيف.
***
شتاء هذا العام أوجعني، وانتهبت أحلامي زعقات رعوده، وبددها ندف الثلج وأحسست بأن الريح غير الريح التي كنت أفتح صدري لاحتضانها، وأن غنوة الصباح ماتت على شفتي، وأنني ضيّعت مناخات الأماسي الكان يورق السهر على جنباتها.
***
وحين استرجعت صورتها، تلوّنت حقول الوعد، فخّبأتها في نفسي وتساءلت: لماذا كلما التقيها كانت تخبئ الكلمات في عينيها؟ أعرف أن فمها شحيح البوح وأنّ الدروب التي أسلكها للقائها كانت تلهث بأنسامها, وأن سقسقة الصفصاف كانت تجسّ عروقنا، وأنّ الليالي تتكئ في خاطري وأنني نذرت أحزاني إلى عتمة غفلتي..
***
ورأيت أنّي كما قال الشاعر (حسن اللوزي) في مجموعته (تراتيل حالمة) حيث يقول: أنا كمن يأكل الحصى فتنكسر أسنانه، وينزف دمه، لكنه يلتذ لذلك)،
فيا صديقتي التي أحببتها ذات مطر: أسعفي وجعي.

سيف الدين راعي 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار