لكي يحميك شرطي القدر

العدد: 9384

10-7-2019

قيل قديماً (العقل السليم في الجسم السليم) وهذا لأنه يُؤخذ في الشباب قبل الهرم ومن الصحة قبل الاعتلال، ومن غنى الأفكار بالمعرفة والحكمة لا من فراغها، ما العقل إلا دفة سفينة الإنسان فبقدر ما يكون مسيطراً على أهواء الجسد بقدر ما يكون سلطاناً ورباناً يقود السفينة إلى بر الأمان وغير ذلك إلى الهلاك.
على العاقل أن يتلمس الأرض تحته ليعلم أين يضع قدميه والمدى الأبعد الذي يمكنه وصوله.
يسرح المرء بأفكاره وهي كالقطيع الذي لا يمكنه ضبطه لشرود بعضه باتجاهات مختلفة وعراك أفراده على السيطرة، وإن حاول لملمته بعضه لا ينصاع مما يؤدي للشعور باليأس لدى راعي القطيع (العقل) وقد يقوده هذا السلوك لطريق الخطأ لظنه أن خطأه على الطريق الصحيح لكن النتيجة تفضح ذلك، فيضطرب ويضرب أخماسه بأسداسه نادباً حظه، ويسأل نفسه عن السبب فالأمور اختلطت عليه ولم يعد يميز بين الخطأ والصواب.
لكن بعد حين يلهمه عقله أسباب خيبته مبيناً له إن كل عمل يجب أن يستند إلى قاعدة سليمة المعرفة، كما يجب التروي قبل اتخاذ القرار وعليه أن يتفحص الأمر بشكل دقيق لمعرفة العوائق وسبل حلها كي تكون النتيجة كما يأمل، ويتذكر كم من مرة هاله الندم بسبب أعمال قام بها وكان يخالها صحيحة، وركن إلى قناعة أن الأعمال والأقوال غير المحسوبة إضافة للفشل تسيئ لسمعة صاحبها، وإن المحاولة لإزالة هذه الشائبة لا تجدي نفعاً، فهي قد رسخت في سجله لدى بعض الناس هؤلاء اللذين لا ينظرون إلى حسن السمعة بل إلى ما يسيئ ليتداولوه.
بالمحصلة من يكن فكره سليماً ولديه رؤى صحيحة يخلص إلى نتيجة سارة، ويتجنب لغط الناس، فحقيقة المرء تعرف من خلال أعماله لا أقواله.
وقد تتسبب العاطفة بالكثير من الخذلان فمن يعش بعقله لا كمن يعش بقلبه، والإنسان يكذب على نفسه عندما يطلب ما لا طاقة له به.
فلكي يحمينا شرطي القدر علينا أن نحيك ثوب سفينتنا على نول الحياة بشكل دقيق وسليم، عندها يقينا صقيع الحياة وهجيرها، وبقدر ما يكون مسارنا مستقيماً تكون وجهة سيرنا صحيحة، ونصل مرفأ الحياة بنجاح.

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار