الوحدة : 20-8-2024
تناول الباحث حسن بلال في المحاضرة التي ألقاها بفرع اتحاد الكتاب العرب في طرطوس أعظم الإنجازات العلمية التي توصل العلم لها في عام ٢٠٢٣ وهي ثلاثة: أولها جائزة نوبل للكيمياء التي فاز بها ٣ علماء أحدهم التونسي منجي الباوندي لاكتشافهم وتصنيعهم النقاط الكمومية، وهي بلورات شبه موصلة مكونة من عدة ذرات أنصاف أقطارها بين ٢ و ١٠ نانومتر، والنانو جزء من المليار من المتر، ومن هنا جاءت تسمية “النقاط” بدلاً من الترانزستور والدارات التكاملية والشرائح، وإذا أثيرت هذه الذرات ينتقل الكترون أو أكثر من مستواه إلى مستوى طاقي أعلى، وعندما يعود إلى مستواه يشع ضوءاً على شكل فوتونات مرتبطة ببعضها البعض بشكل متشابك، وبالتالي يتم نقل المعلومات بواسطة ضوء وليس بواسطة الالكترونات والتي سرعتها أقل بكثير من سرعة الضوء، وهكذا ستكون الحواسيب الكمومية أسرع من الحواسيب التقليدية وأقل حجماً، وتنجز حسابات معقدة بسرعة تفوقها ب ١٨٠ مليون مرة، وتستهلك كمية قليلة من الطاقة وقابلة للحمل، وبذلك ستحل الفوتونات محل الاكترونات وتصبح الالكترونيات جميعاً مع الزمن تقنية قديمة.
وثاني أعظم الاختراعات جائزة نوبل في الفيزياء، والتي فاز بها ٣ علماء لأنهم صمموا آلة تصوير تنتج نبضات ليزر فائقة السرعة وزمناً أقصر من زمن حركة الالكترونات تسمى الأوتوثانية وهو أصغر من الثانية بمليار مرة !! وهذا مكنهم من دراسة حركة الالكترونات وخصائصها والتحكم فيها وأخذ صور واضحة لها، أي توغلوا داخل الذرات و الجزيئات، حيث استخدموا نفس طريقة الدكتور أحمد زويل الذي نال جائزة نوبل عام ١٩٩٩ بزمن سمي الفيمتو ثانية، ويساوي جزءاً من مليون من الثانية.
وأخيراً اختراع الشمس الصينية، حيث أنه معروف أن الشمس نجم يشع ذاتياً وتصل طاقته للأرض خلال ٨ دقائق و١٠ ثواني، وتأتي طاقته من تفاعل الاندماج النووي.
و قد فكر العلماء بالتحكم بهذه الطاقة الهائلة للاستفادة منها، فكان المفاعل النووي الذي يحاكي عمله ما يحدث في الشمس، ولأنهم بحاجة لوعاء مناسب لتحمل درجات الحرارة الهائلة و إبقائها بعيدة عن جدرانه، صمموا جهازاً يتكون من أنبوب معدني مفرغ من الهواء ومغلق يمر فيه تيار شدته ملايين الأمبيرات ينتج عنها مجال مغناطيسي هائل يحصر نوى نظيري الهيدروجين ويبعدها عن جدران الوعاء، ويرفع درجة حرارتها إلى عشرات الملايين من الدرجات المئوية، لذا سمي جهاز الحصر المغناطيسي، ولكن حدث أمر غير متوقع، وهو انفلات بعض الجزيئات ما أدى لهبوط درجة المفاعل وتوقف التفاعل ولم يفلح التسخين مرة ثانية، فقام العلماء بتوجيه حزمة ليزرية لها قدرة هائلة على تسخين النظيرين، لتستمر المحاولات أكثر من ٧٠ عاماً من قبل الدول المتطورة، لتنجح الصين بتاريخ ٢٠٢٣/٥/٢٣ بإيصال درجة الحرارة في مفاعل الاندماج النووي (توكماك) إلى ١٢٠ درجة مئوية، ويبدأ تفاعل الاندماج لمدة ١٧ دقيقة فقط ويتوقف بعدها، ولكن المحاولات لازالت جارية لاستكماله، فيما يجدر الذكر أن الشمس الصينية لا تهدف لتوفير الضوء والحرارة، وإنما إنتاج كمية من الطاقة النظيفة تفوق الطاقة التي يستهلكها مفاعل الاندماج، وبذلك تكون الطاقة خالية من غازات الدفيئة التي ترفع درجة حرارة الأرض.
رنا الحمدان