الوحدة :12-8-2024
ساعة ونصف هي المدة الزمنية التي قضيناها ضمن حرم الكراج الشرقي من الساعة (السابعة والنصف حتى التاسعة مساءً) نمارس رياضة الجري ما بين مدخله ومخرجه علنا نجد وسيلة توصلنا إلى منازلنا، ساعة ونصف من الانتظار بالألم والمعاناة فقدنا معها القدرة على الوقوف، وافترشنا الرصيف مقعداً على أمل أن يأتي صاحب الجلالة (سرفيس القرداحة) البطل المنقذ الذي سينتشلنا من هذا الظلام ويوصلنا إلى بر الأمان، ولكن ما أن يطل حتى يباغتك الهجوم المجنون عليه من قبل الركاب المتأهبين للحصول على مقعد مهما كلفهم الأمر من تدافع أو حتى عراك أو قفز من النوافذ، لنعود لهيبة الانتظار مجدداً لسرفيس آخر قد يأتي أو قد لا يأتي (أنت وحظك)، إحداهن أجهشت بالبكاء لعدم حصولها على مقعد بعد أن حشر الركاب خمسة في كل مقعد يتسع لثلاثة، وأخرى فضلت هي وزميلاتها العودة إلى موقف اسبيرو علهم يحظون بمقعد من هناك، وآخرون فضلوا الذهاب والوقوف على جانبي الأوتوستراد وإيقاف أي سيارة قد توصلهم إلى أقرب نقطة لهم.
أحد المتواجدين في الكراج استعطف أحوال أصحاب السرافيس واستهجن بقاء الناس إلى هذا الوقت خارج منازلها أو بلداتها، فطلب من الركاب التحكم بوقتهم وقرن ساعاتهم وأعمالهم على أوقات تواجد السرافيس في الكراج لأنه كراج ريف على حسب قوله، والسرافيس ليست مضطرة للبقاء كون مخصصاتها لا تكفي يوماً بأكمله إذ (ياحرام) حسب قوله أيضاً ينطلقون من الساعة الخامسة صباحاً، متناسياً أننا في فصل الصيف وأن معظم الناس يعملون بدوام إضافي كي يستطيعوا تأمين قوت يومهم في ظل ظروف معيشية صعبة ليست خافية على أحد، وهناك طلاب وعساكر وأشخاص مجبرة على النزول للمدينة عصراً ليس للتنزه أوالمتعة، وإنما لأعمال ملحة. شخص آخر ذكر أن السرافيس كانت تتواجد بكثرة صباحاً، وذلك لوجود شرطي مرور كان يقوم بالتصوير أمام باب الكراج وبعد ذهابه اختفت السرافيس.
وفي خضم السجال الدائر بين المتواجدين، توقف سرفيس أمام باب الكراج لا ندري لأي خط يعمل كوننا لم نستطع رؤية لافتة السرفيس بسبب الظلام، وقبل أن يفتح أول راكب باب السرفيس أبلغه السائق أنه يريد (١٥٠٠٠) ل.س لكل راكب، ليتجمد الجميع في مكانه ويتراجع إلى الخلف من شدة الصدمة، وبعد أخذ ورد رفض السائق التنازل عن المبلغ المذكور، فعاد الجميع إلى أماكنهم خائبين عل وعسى أن يمن الله عليهم بسائق (ابن حلال)، وبعد طول انتظار نادى أحد السائقين مشكوراً على جميع الموجودين للركوب في سرفيسه وترك المقعد بجانب السائق فارغاً كونه مخصص لأشخاص ينتظرونه على الطريق.
لن ندخل في سجال المحروقات والمخصصات هنا، ولا في ضبط السرافيس، وإنما سنكتفي بسؤال للمعنيين: لماذا لا يتم إيجاد حل لمشكلة السرافيس من الساعة السادسة عصراً وحتى التاسعة مساءً، خاصة على الخطوط القوية وذات الحركة الدائمة؟ أليس بالإمكان تخصيص سرافيس يعملون فقط ضمن هذه الفترة وتخفيف العبء المادي والنفسي على المواطنين؟ هل على عجلة الحياة أن تتوقف بعد ساعة الذروة الأخيرة..؟ وهل على الجميع ترتيب أمورهم ومتطلبات حياتهم بما يتوافق مع رغبة أصحاب السرافيس الذين يمتلكون حججاً جاهزة دائماً للتهرب؟
هنادي عيسى