العدد: 9282
31-1-2019
نصفُ شِعرِنا العربيِّ القديم ينبغي أن يُشطَب، فيه يتنقَّلُ الشاعرُ من ممدوحٍ إلى ممدوح، بغيةَ الثَّناءِ عليه بأرفع الخصال، ونَسْبِه إليه أندر السجايا، لا لكونها موجودةً لدى هذا الممدوح أو ذاك في الأصل، إنما لتوق الشاعر إلى الظفر منه بذروة المال، بأنفَس العطايا، وهل أنت مستثنىً من هذا أيها النابغة النابغة والمتنبّي الحكيم ؟
وقد تكوَّنَ لديَّ هذا الرأي الذي سيراه الكثيرون سلبيّاً بخصوص شطرٍ من شعرنا العربيّ، بصورة متدرّجة غير مباشرة، عبر سنوات تخصُّصي في اللغة العربيّة وآدابها، وبصورة غاضبة مباشرة، لدى سماعي منذ أيّام برنامجاً إذاعيّاً حول شاعر مغمور، قد انتقل من أحد ممدوحيه إلى آخر، بعد أن استنفد الأسبق عطاياه حياله، وإن كان الشاعر قد رفعه بأماديحه إلى السماء، لكن تجدر الإشارة إلى أنَّ الشاعر، لم يتأخّر في نهايات عمره عن شعر الزهد، الزهد في الحياة الدنيا، كيف لا ؟ وقد استنفدت هذه عطاياها حياله كما ممدوحيه، وأوجبَت عليه مغادرتها إلى العالم الآخر، الذي ربما استحقَّ منه كما الممدوح الأحدث ما لديه بعدُ من طاقة المحاباة، نصفُ شعرنا العربيِّ القديم يستحقُّ أن يُغيَّب، لا أحبُّ أثرياء الكذب، لا أهفو إلى تراث النفاق.
د. ريم هلال