لنعبـّد طرق الحياة الوعرة..

العدد: 9377

1-7-2019

كأن أحدنا يخلق هرماً لأن أعباء الحياة ترهقه منذ نعومة أظفاره ومحروم من رغباته وتحقيق أمانيه، وتلقى المسؤولية على كاهله قبل نضوج فكره وإدراكه، وغالباً يفتقر لمن يسدي له نصائح أو يرشد، لذلك تكون سلبياته أكثر من إيجابياته ويتحمل تبعات ذلك.
ما مرّد ذلك إلا للفقر والحاجة والجهل، فهو ملزم تجاه أهله بمساعدتهم في كسب لقمة العيش متجاهلين ضرورة متابعته الدراسة والتي تقتصر على نشاطه دون مساعدة، لذلك تجده مشتت الفكر ومغلق الذهن ويكاد هذا يؤدي به للضياع، فهو يجهل على أي شط سيرسو مركبه، وما يزيد عليه المنغصات وجود بعض أترابه وقد توفرت لهم كل السبل دون عناء أو شعور بالمسؤولية، لذلك يندب حظه متسائلاً لمَ خلق في أسرة تكاد تكون ما وجدت إلا للشقاء والقهر؟ فهو لم يعش طفولته بل كأنه خلق كهلاً، فعندما ينفرد بنفسه يكون في حالة شرود وهذيان بسبب ما يعانيه، وتختلط عليه الأمور ويرى المعوقات تسدّ عليه كل السبل، ويتساءل من أين وكيف له أن يخرج من هذا النفق المظلم؟ فلا وميض نور يشعره بقرب خلاص، وتذكر قول السلف (الشدائد تصنع الرجال)، فما السبيل إلى ذلك؟ والحرمان قدره والفاقة تُسدل عليه وشاحها ونهاره، فهو يهذي وكأنه مخمور وغرق بفكر لا طائل منه، وبخاطره أن يستعين بالأقرباء وأصحاب الخبرة، لكن عند سؤاله لهم امتعضوا منه فكان ذلك كطعنة له في الصميم، لكن بعضاً ممن يعانون هذه الحالة لن ييأسوا وأخذ كل منهم يبحث عن بارقة أمل تخرجه من ظلمته، ومنهم من خَلص إلى نتيجة مفادها ما من سبيل لذلك إلا الاعتماد على الذات والتسلح بالصبر والإرادة، وأخذوا ينظمون أوقاتهم ويتابعون دراستهم لقناعتهم ما من مخرج لماهم فيه إلا بالعلم، وتحقق لهم ما أرادوا وغدوا عوناً وسنداً لذويهم وأمثولة بين أترابهم ومحل إعجاب الآخرين، ومنهم من استكان للحالة فما كان حصاده إلا الفشل والقهر.
فلنكن نحن وأبناؤنا وأحفادنا ممن يعتمدون على الذات ويتسلحون بالصبر والإرادة، ففي النهاية الطرق الوعرة تصبح معبدة ويسهل عبورها.

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار