الوحدة 1-6-2024
من ساحة الحطّاب في حي الزقزقانية، هناك ركن جانبي مميز يوحي بأن جزءاً مهماً من البحر يسكن بالمكان، السيد عبد الرحمن حطّاب (أبو علي الحطّاب) هو أحد معالم الحي، يومياً يتربّع على عرش تنظيف الأسماك البحرية وتحضير وجباتها العديدة، يُطرب نفسه ومن حوله، صوته الجبلي المميّز يصدح بالمكان، يغني لنفسه كافّة الألوان الطربية، وهو مقتنع وراضٍ عن رزقه المكتوب.
يقول السيد أبو علي الحطّاب إنه صياد سمك قبل كل شيء، له زبائنه الخاصّين من قلب الحي ومن مناطق عديدة، أسماكه بأنواعها تصل إلى دمشق وحمص وحلب والسويداء وحتى طرطوس وجبلة، ويؤكّد أن أسماكه طازجة دائماً يأخذها من ساحة السمك حسب التواصي، مضيفاً أن السمك الشعبي هو الأكثر رواجاً عنده كالبلميدا والعصيفري، وكذلك السردين، بالإضافة لمن يرغب بالسمك الفاخر عبر توصية محدّدة.. وهناك جانب آخر مُلفت لدى أبو علي الحطّاب، فهو يمتلك صوتاً وحنجرة مميزة، يومياً يُطلق موهبته بالغناء أثناء ممارسته عمله في تحضير وجبات الأسماك، كما أنه يجيد صياغة الأغاني والكلمات وتحضيرها مباشرة، حيث أطلق مباشرة كلمات شعرية خاصّة متغزّلاً بمدينة الدريكيش بالّلغة المحكية فقال:
أنا لبوّس تراب الدريكيش حبّة حبّة…
وشبيه الطفل يا محبوب حبّة حبّة….
عطيني من كروما حبّة حبّة…
لساوي خمر مانو من العناب.
في جانب آخر أوضح السيد حطّاب أن البعض من دكاترة الجامعة يتعاملون معه عبر تأمينه بعينات من الأسماك الفريدة لإجراء دراسات وأبحاث علمية خاصّة بالأحياء البحرية.
وفي النهاية فإن أبو علي الحطّاب يُجيد فنّ الذوق الرفيع واحترام مشاعر الآخرين، فالمكان في نهاية العمل لا يوحي بأنه مسرح لعمليات فتح وبقر بطون الأسماك وتنظيفها، فهو يعطّر وينهي المعالم والروائح بطريقته الفنية المعهودة.
سليمان حسين