العدد: 9375
27-6-2019
كانت الأحلام فيما مضى، كجذور الأشجار التي ترسل النمو، وتوقظ الاخضرار تمهيداً للثمار.
أمّا الحالم، فقد كان حركةً من السعيّ لا تتوقف، فيغوص في تجارب الآخرين بأدوات حلمه، وفي كل مرحلةٍ من رحلة الحلم يقابل (لقماناً) جديداً، حرصه كحرص الأهل في المتابعة، فالحلم الذي يخلو من هذه الأقانيم يتحوّل إلى مغامرةٍ رماديّةٍ.
أمّا أحلام اليوم، فمعظمها منكسرٌ، بفعل بعض وسائل التواصل الاجتماعي، ليصبح صاحب الحلم إطاراً للمظاهر الخارجيّة بملابسها ومساحيقها، فالفتاة على الأخصِّ تحمل ملامح سمراء بشعرٍ أسود فاحمٍ في المساء، وفي الصباح بشعرٍ أشقر قطبي، تتلوّن عيناها بتلوّن المصابيح!
كم من فتىً يظنّ وأنّه قد امتلك نصف العالم، بعد أن أطلق ذقنه وامتطى دراجة ناريّةً، ولا يهمّه بعدها كيف يرمي أوقاته أو كيف ستكون حاله؟ وهو راضٍ عن اقتلاع جذوره إلاّ من بعض الغرائز والرغبات، فينعزل الأبوان من كلّ شيء.
وأخيراً يُصابُ ذلك الفتى بشراهة الاستهلاك التي لا يملك منها شيئاً، فيلعن الظروف، ومع ذلك فهو مستمرٌ بأحلامٍ هي كالأزهار البريّة وقد داسها بقدميه، فهو قمرٌ يمتطي الظلام ويطارد الشمس بأفيائه، يتصّببُ عرقاً كجسدٍ مدينةٍ في أيّام ( تموز) أوان الظهيرة، لا يميّز بين النوم والموت، ويحبّ
لا أحداً، ثم ينزف بكلامٍ غير مفهوم!!
هل تحوّلت الأحلام إلى بعض المسلسلات (التلفزيونيّة) التي تجرّ مشاهديها بسلاسل وهميّة، ثمّ تختم نهاياتها كالمعلبات الفاسدة؟! ربّما.
سمير عوض