محطات للأمل والعطاء..أيادٍ بيضاء تمتد لتعانق آمال وأحلام أطفالنا

العـــــدد 9374

 26 حزيــران 2019

 

 

بين لحظات العطاء ومحطات الأمل تنوعت مشاركاتها في الأنشطة والفعاليات المختلفة التي هدفت لاحتواء البراعم الفتية لتثمر إبداعات وعناوين فرح، تعلمهم أنشطة ومهارات متنوعة في مجالات شتى، وتستقبل مواهبهم بكثير من الاهتمام والمحبة، وعلى الرغم من براءة ونقاء الأطفال إلا أن فن التعامل معهم يحتاج إلى طريقة تفاعلية جذابة تحمل بين طياتها أساليب عميقة للتعبيرأ واستثمار كل المهارات للوصول إلى الغاية المرجوة، لأنه بالإضافة إلى المتعة الكبيرة أثناء البحث عن موضوع وتحويله إلى مجموعة عناصر تتناسب مع الروح الطفولية يبقى الاهتمام بأطفالنا ليس فقط واجباً علينا بل هو حق لنا لأنهم مستقبلنا القادم، وكما الأشجار المثمرة التي تبقى في حالة عطاء دائم كانت لها اليد البيضاء في تقديم العون والمساعدة لكثير من النشاطات الطفولية في العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية محاطة بقلوب شفافة تجمع الخير والحب والدعم المادي والمعنوي لهم لأنها مسؤولية الجميع، وهي يدٌ تمتد لتعانق آمال وأحلام ترسم حدودها في الأفق القريب والبعيد. السيدة عبير عمران صاحبة المسيرة التطوعية الطويلة في مجال الطفولة وصاحبة هذه اليد المعطاءة التي أرادتها أن تكون مشاركة فاعلة وفعالة عندما قررت أن تكون محاطة بأريج الياسمين الذي يغلف القلوب النقية – قلوب أطفالنا في محافظة اللاذقية – كان لنا معها الحوار الآتي:

 

عن دراستها واهتماماتها قالت السيدة عبير عمران: أحمل شهادة الدبلوم في الهندسة المدنية عام 1998، وإجازة في رياض الأطفال 2016، متزوجة وأم لثلاثة شباب، ولازلت حتى الآن أعتبر دوري في الأمومة هو الدور الأكثر فخراً وأهمية، لدرجة أنه قادني للتسجيل في كلية التربية – قسم رياض الأطفال – طموحاً مني بأن أصبح أماً أفضل، بالإضافة إلى تجربتي التطوعية في مجال الطفولة، وقد تنوعت الأدوار التي قمت بها بين منسق أنشطة في مكتبة الأطفال العمومية لمدة 5 سنوات ورئيس شعبة الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية في المركز الوطني للمتميزين، ومدير برنامج حماية الطفل في دائرة العلاقات المسكونية والتنمية التابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس – مكتب اللاذقية لمدة حوالي السنتين، وخلال مسيرتي مع الأطفال هناك لقب أحبه وخصوصاً أنه صدر من الأمهات هو (مهندسة الطفولة)، وأكثر ما أؤمن به في الحياة أن النجاح هو نتيجة حتمية للعمل الجاد والصادق وتنظيم الوقت واحترام الاختصاص.
وعن تجربتها ومسيرتها مع مكتبة الأطفال العمومية والفعاليات التي لطالما كانت الرائدة في تطبيقها قالت: تطوعت في مجال الطفولة عام 2007 في مكتبة الأطفال العمومية وكانت حينها تابعة لجمعية قوس قزح لطفولة أفضل، شاركت بداية في تصميم وتنفيذ العديد من الأنشطة التطوعية مع اليافعين (جلسات حوارية) والشباب (حملة عبر عن نفسك بالعربي)، توليت مهمة منسق الأنشطة في مكتبة الاطفال كونها مكتبة تفاعلية وكان لي شرف الانضمام حينها في بداية الحرب على وطننا لفريق المكتبة، حيث تأثرت معظم المؤسسات والجمعيات، ومصدر فخرنا أننا استطعنا أن نثبّت ذلك المشروع بالإضافة إلى رفع جودة العمل فيه بعملنا التشاركي.
وعن البرامج التي نفذتها في مجال الطفولة قالت: نفذت العديد من برامج الأنشطة التفاعلية والاختصاصية الموجهة للأطفال ابتداء من عمر سنتين – بما يزيد عن ألف جلسة نشاط (تصميم وتنفيذ وتقويم) – وانتهاء بالأمهات حيث عملت كمدربة للأمهات والمتعاملين مع الأطفال بحقائب تدريبية مختلفة، ومن هذه البرامج: (حكايات ملونة – بيتنا – أمومة أفضل – كتاكيت – نادي قطرة ندى للتفكير الإبداعي – مشروع خطوة للتدريب التربوي)، أما الحقائب التدريبية منها (كيف تنمي مهارات التفكير عند طفلك – كيف تجيب عن أسئلة طفلك – كيف تنمي مهارات التفكير الإبداعي) بالإضافة إلى جلسات التوعية بما يقارب 200 جلسة في مواضيع مختلفة ضمن إطار حماية الطفل من مخاطر محتملة وخاصة مع الأطفال الذين تأثروا نفسياً من إرهاب أو نزوح أو فقدان وكذلك الأطفال المتسربين والمشردين أو فاقدي الرعاية.
وعن محاولاتها في الأدب وتوجهها نحو كتابة القصص للأطفال: في الحقيقة بدأت الكتابة عندي من الطفولة ضمن طلائع البعث حيث نلت المركز الثاني على مستوى سورية في التعبير الأدبي ولم تكن الظروف كافية حينها لتطوير الموهبة لكن القراءة كانت أمراً مرافقاً لأيامي وأثناء العمل مع الطفل تتكثف الكثير من الأحاسيس والمشاعر والابتسامات التي تفرض نفسها بقوة بحيث لا يمكن ألا توثقها وتم ذلك من خلال دفتر الذكريات والنشر على الفيسبوك . . وبتشجيع أصدقاء مقربين توجهت للنشر للطفل وعدم الاكتفاء بالكتابة عنه، وفعلاً بدأت التجربة وأنا لازلت في بدايتها وربما تأخذ الطفولة المبكرة حيزاً مهماً منها نظراً لأهمية هذه المرحلة في تكوين الشخصية وكذلك المواضيع التوعوية التي تحصن مفاهيم حماية الطفل بمواجهة مخاطر محتملة تتعلق بالعنف بأنواعه والتحرش وغيرها، ونشرت العديد من القصص ضمن مجلات الأطفال السورية أسامة وشامة منها (جود يبيع الأزهار، أتخيل أني، نعمل معاً، نلعب معاً، حلمي الذي يكبر، ميرا والقطة)، القصة تحمل إمكانيات تربوية عالية ومؤثرة في الطفل وتوجيهه سلوكياً وتنمي خياله وتثري مهاراته ولغته وضمن مجال الأنشطة نعتمد عليها كثيرا لإيصال الكثير من نصائح التوعية ضمن ورشات قصصية مهارية موجهة.
وعن دور الأسرة في خلق جيل مواكب لما يحيط به من تطورات وبما ينسجم مع قيمنا وسلوكياتنا الأخلاقية قالت: في الحقيقة، الحرب تركت آثارها بشدة على مؤسساتنا وأهمها التربوية وكذلك على النسيج الاجتماعي، وهذا يحمّل الأسرة مسؤوليات كبيرة نظراً لضعف دور المدرسة والمجتمع في توجيه الطفل وتلبية حاجاته الاجتماعية والعقلية والاقتصادية والنفسية وخصوصاً أن كل الأطفال بعمر العشر سنوات وما دون هم أطفال الحرب والاهتمام بتلبية حاجاتهم أمر مهم وضروري لبنائهم.
وعن تقييمها للفعاليات الطفولية الأهلية والرسمية في محافظة اللاذقية واقتراحاتها لتطويرها قالت: تشهد اللاذقية حراكاً نشطاً في هذا المجال سواء على الصعيد الأهلي والرسمي والخاص وتختلف سوية الجودة بين جيد جداً إلى المتوسط، وطفلنا يستحق الكثير ويحتاج لهذه البيئة وخصوصاً في ظل ندرة وجود الحدائق اللازمة لأن يمارس حقه باللعب وتوجه المنهاج المدرسي للتعليم فقط بدون تنمية لكافة جوانب الشخصية مع عدم تفعيل التربية الموسيقية والفنية والرياضية كمواد ضمن البرنامج، ونطمح في هذا المجال ونطالب أن نرى المتعاملين مع الأطفال هم من الاختصاصيين وأن يكون لهذا العمل المعايير التي لا زلنا نفتقدها ونسعى لإرسائها وتحترم عقل الطفل وإمكاناته، وأن لا يكتفي هذا العمل بالرغبة الإيجابية والنوايا الحسنة لأن الطفل الذي بين أيدينا اليوم هو المسؤول عن بناء الوطن بعد الحرب وهنا أتمنى أن تحقق هذه الجهات التي تقدم مثل هذه الخدمات أن تحترم اهتمام الأسرة السورية التي ناضلت ضمن الحرب وتراعي وضعها الاقتصادي.
بقي للقول: إن مقولة (معاً من أجل طفولة سعيدة) تتحقق بفضل مجموعة من الأيادي التي حملت لواء الاهتمام والرعاية وتقديم الأدوات المادية والمعنوية لشريحة أساسية في مجتمعنا، فالاهتمام بالأطفال مسؤولية تقع على عاتق الدولة والأفراد ممثلين بالمجتمع وهيئاته ومؤسساته المختلفة، لكن المشاركة بهذا الاهتمام وتقديم يد العون والمساعدة محاطة بقلوب شفافة تجمع الخير والحب والدعم المادي والمعنوي فهي مسؤولية الجميع، ليبقى مجتمعنا مجتمعاً سليماً معافىً من خلال تقديم الأنشطة التي تعطي لأطفالنا الفائدة الترفيهية والتعليمية معاً بأسلوب تفاعلي جذاب، وبخبرة مجموعة من المشرفين المتطوعين الذين يتحلون بروح الموهبة والعطاء والقدرة على التعامل الصحيح مع الأطفال للوصول معاً إلى جلسة تفاعلية تقدم المعرفة والتسلية لأطفالنا، إنها لحظات عطاء لامحدود وهي اختزال لحالات إنسانية ترقى فوق المشاعر لتلامس الوجدان والذات وهي في الوقت ذاته دعوة صادقة للوقوف بمسؤولية أمام مستقبل أطفالنا ليسيروا دائماً بثقة وأمان نحو الطريق الأفضل.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار