العدد : 9282
الخميس 31 – 1 -2019
نبحث في الأشياء عن الأشياء، ونقول إننا نسعى إلى الشيء عبر الشيء، علماً أننا نُدرك ما الذي نسعى إليه عبر إدراكنا الهدف وإدراكنا الغاية، لكننا نتوه أحياناً في اختيارنا الوسيلة أو الطريق، وإنْ كنّا نبحث ونبحث لكننا نريد الوصول بسرعة دون السير في الطرقات وتحمّل التبعات والمشقّات، وهنا تكمن المشكلة الأكبر تلك المشكلة التي تتلخص في حرق المراحل واستهلاك الأوقات بلا فائدة ولا طائل.
ولعل المرحلة الأهم والأسمى هي رحلة الإنسان باتجاه أخيه الإنسان، نعم رحلة الإنسان الموجود إلى الإنسان الذي كان سبب الوجود أو كان الوجود سبباً له وتهيئةً.
ولن يكون الإنسان قادراً على الوصول إلى أخيه الإنسان إلا إذا ابتعد عن الكراهية والمصالح الذاتية الفردية التي تنطلق من الأنانية واقترب من المحبّة والشعور محبة الآخر والشعور به، لذا نرى الأديب كثيراً ما يكون والشاعر أكثر قرباً في هذا وكذلك الإنسان العاشق الذي يرى كل جميل ويبحث عن كل جميل ويبرر لأجل الجميل كل شيء مهما بدا غير جميل.
لذا أيها الإنسان اسعَ كي تكون محبّاً عاشقاً، أحببِ الحياة بما فيها واعشقِ الجمال بكل صوره وتجليّاته وابتعد عن القبح في الأشياء وإن كان موجوداً فلا تنظر إليه وتمسّكْ بأنْ لا مُطلقاً إلا في القيم ولا روعة تفوق روعة الشعور بالآخر ومحبّة الآخر والسعي لإسعاد الآخر.
أيّها الإنسان كُن كما تنظر إلى الآخرين واجعلِ الآخرين ينظرون إليك بما تريد أن تكون أنت في نظرهم، فأنتَ مَنْ يرسم الصورة وأنت مَن يحييها وأنت أنت لا أحد سواك، ستبقى الإنسان الذي أدرك الطريق وعرف النهج وسار في رحلته ألا وهي رحلة الصعود إلى الإنسان الإلهي.
نعيم علي ميّا