الفنـــان محــمد أســـــعد «ســــموقان»: الــعرض في الصــالات العالميــة أســهل بكثير من العــرض في ســـورية

العدد:9282

الخميس 31 – 1 -2019

نشتمّ من لوحاته رائحة التمرد والرغبة في تمزيق صور الألم للخروج بصورة جديدة للعالم تعبق بأريج المحبة، تلتفّ أغصانه بحنان وشوق على بعضها، وأعماق بحره الأزرق تخفي كنوزها بحرص وحبّ، حتى تلك القطط التي بدأت تملأ مرسمه بأشكال وألوان مختلفة، كانت هي الأخرى تموء بنغمات لطيفة..
الفنان محمد أسعد الذي التصق به اسم (سموقان) إله الغابة بعد بحثه مع رفيق عمره وفنه الراحل (هيشون) خلال بحثهما في عالم الأسطورة والملاحم، التقيناه في مرسمه وكان حديثاً منكهاً بالوفاء والإبداع والجمال.
* لكل فنان رسالة يرغب في إيصالها عبر أعماله كلها، ما هي رسالة سموقان في الفن؟
** قبل كل شيء أنا أرسم لنفسي، أحب أن أكون راضياً عن عملي، أحب أن أرسم لبيئتي التي أنتمي إليها ولأساطيرها ففي عملي خصوصية ذات محورين :أولهما ذاتي لي أنا كسموقان والآخر هو أن عملي فن سوري على الرغم من أن الفن لغة عالمية فأنا حريص على هوية فني السورية.
* بما أنك ما زلت شديد التعلق بهذه الهوية وهذه الأساطير، هل يمكن أن تفكر بإحياء مجموعة أوغاريت أو الأبابيل؟
** بالنسبة لمجموعة أوغاريت التي أسستها مع هيشون ثم انضم إلينا المحاضر جبرائيل سعادة والباحث الموسيقي راؤول فيتالي فقمنا حينها بأنشطة مهمة جداً كأسبوع الوثائق التاريخية في جامعة تشرين والمهرجانات والمعارض المشتركة عن أوغاريت، ومجموعة الأبابيل التي ضمتني مع هيشون ومحمد بعجانو ومعين الخطيب وعبدالله خدام وكذلك عمل معنا فنان فرنسي…
اسم الأبابيل سبب لنا بعض الإشكاليات لارتباطه بمعنى ديني، ونحن على الرغم من كوننا مشاكسين في الفن كنا مسالمين في الحياة ونؤمن بحق الاختلاف، فمثلاً كان ثمة اختلاف كبير بيني وبين معين في الأفكار ولكننا كنا نعرض معاً..
كنت أتمنى لو استمرت هذه المجموعة لكن الظروف حالت دون ذلك، فهيشون توفي رحمه الله ومعين سافر، وأسباب أخرى كثيرة لم تساعد في الاستمرار، ولكن هاجس تكوين مجموعة مازال موجوداً فأنا تربطني علاقة ود وتقدير مع الفنانين السوريين وأطمح للاجتماع معهم، لكن ينقصنا الدعم المادي والصالات وغير ذلك.
* بما أنك تتحدث عن الفن والفنانين السوريين، برأيك ما الذي يجعل الفنان السوري يصل إلى العالمية؟
** على الفنان أن يثبت نفسه محلياً ليتمكن من تحقيق العالمية، وبالمناسبة أذكر هنا أن العرض في الصالات العالمية أسهل بكثير من العرض في سورية، فالصالات عندنا محتكرة من قبل أسماء وأشخاص يتحكمون فيها ويضعون معاييرهم الخاصة بينما في الخارج المعيار الأساسي للعرض هو الفن، والعرض في الصالات العالمية لا يعني أن الفنان حقق العالمية..

سبق وعرضت في اللوفر في باريس وفي برلين أكثر من مرة، لكني أهتم بالعرض المحلي والانتشار المحلي بشكل اكبر وهنا لا يمكنني إلا أن أتذكر صديقي هيشون الذي أعدّه فناناً محلياً بامتياز، لقد أثبت جدارته في مجتمعه قبل أن ينطلق للعالم، وقد لا يصدق البعض أننا كنا نرفض أحياناً العرض في صالات أوروبية لانشغالنا بمعارض محلية سوياً.
* هل تظن الفن مازال قادراً على أخذ دوره في هذا العصر؟
** أجل إنه كذلك بالفعل، والحركة التشكيلية الخالية لافتة بشكل مذهل ورواد الفن التشكيلي ومتابعيه هم الأكثر بين كل المجالات الثقافية الأخرى.
* وهل تعتبر غزارة الأسماء المطروحة دليل عافية؟
** بالتأكيد إنها كذلك، العاملون في الفن لدينا أكثر من أي بلد آخر.. تقييم الفنانين وجودة أعمالهم مرتبط بالمؤسسات الرسمية والثقافية التي يفترض ألا تعرض أي عمل كان إن لم يحقق شروطاً ومعايير معينة، حتى لو من باب التشجيع فقد يكون التأثير سلبياً وعكسياً، فليس بالضرورة أن يكون المشاهد العادي قادراً على تمييز الأعمال الجيدة من غيرها.
* وكيف يمكننا الوصول بالمتلقي إلى تشكيل نوع من الثقافة التشكيلية؟
** بلا شك بارتياد الندوات والمحاضرات وزيارة المعارض التي يجب أن تترافق مع إصدار دليل تعريفي خاص بكل منها بإشراف نقاد مختصين بالتحاور مع الفنان صاحب العمل المعروض.. ثمة طرق كثيرة يمكن أن تثقف المشاهد.
* على الرغم من كون الغموض سمة الكثير من أعمالك فالمتلقي يحب عملك حتى وإن لم يفهمه، إلى أي درجة يزيد الغموض من أهمية العمل وجماليته؟
** الغموض يأتي من ثقافة الفنان بالأخص في المدارس الحديثة في الفن المعاصر، لذلك فالمشاهد كما قلت سابقاً يجب أن يتدرب على قراءة اللوحة ليفهمها، ولكن كما أشرت قد يحبها حتى لو لم يفهمها وقد يشغله ويجذبه غموضها.

* ما مدى التواصل الإيجابي الذي تخلقه اللوحة بينك وبين المتلقي؟
** على الرغم من أن لوحاتي حداثوية إلا أن عناصرها واقعية، نأخذ مثلاً تجربة الغابة، المشاهد العادي والبسيط يمكنه أن يقرأ مفرداتها وينجذب إليها، فأنا أرسم باللا مرئي وأجعله مرئياً جداً وحتى الآن وبعد الغابة سواء في القطط أو المدينة..
أعمل بنفس الطريقة، أبحث عن الضوء للمشاهد وفي بعض الأعمال تجدين العمل يشع بالضوء الذي لا يأتي من جانب واحد كما في الأعمال الكلاسيكية، كل عنصر لدي يبث الضوء من ذاته لذلك يعجب المشاهد بالعمل حتى لو لم يفهمه، فالضوء يبهره وأنا أرسم بطريقة حرة، التوضع عندي ليس كلاسيكياً أبداً أحياناً يكون غرائبياً، وقبل أن نودع ابن اللاذقية الغنية بإبداعها ومبدعيها أطلعنا سموقان على بعض أعماله الجديدة وبعض من مشاريعه القادمة التي لن يعلن عنها إلا في وقتها حفاظاً على عنصر المفاجأة الذي تميز به دائماً في مسيرة فنه وعمله.

نور نديم عمران

تصفح المزيد..
آخر الأخبار