العدد: 9371
الأحد-23-6-2019
قد يأتيك في اليقظة كما في الحلم من يجعل تنهدات الأسى في أعماقك، ودموع الأسف واللوعة في مقلتيك، إنّه اليأس الذي تتمخض عنه الكآبة.
وقد تصدق قولاً إن الحلو مرقد الراحة، لكنه ليس إلا للذين يولدون أمواتاَ ويعيشون هائمين على أديم الأرض مرتدين الفشل.
عندما أكون كئيباَ يبقى الدمع حبيس الجفون، لكني لا أبدله بفرح مزيف عندما يكون غيري فرحاَ لأنه يملأ جوارحي، وما هذا إلا بسبب غموض أسرار الحياة ، لكني عندما أرى قلباً مكلوماَ أشاركه دمعته لأني حينها أحس بوجودي وإن ليّ كياناَ، وذلك لشعوري بغربتي عن واقع الحياة، أقول:
ما كان مجيئي الحياة بأمري
ولا أعلم كم سنين عمري
لا يسكرني طرباَ ولا خمراَ
لأني أجهل مصيري وقدّري
لقد سئمت هذه الحياة
فهي أخذت سمعي وبصري
وأرى الأيام تجري مسرعة
كما تجري مياه النهرِ
فالحياة المملة والغامضة ليست حياة بل جلّها موت لأنها خالية من الحب والجمال، لكن لاحب المادة ولا جمال المظاهر الخادعة، فأنا أرى جمال الطبيعة من هضاب وأودية وسهول فهي في سجود دائم تمجد الخالق وصلاتها لا تنقطع فأحشائها مرصوفة بالجماجم والعظام، لهذا يأخذني الفكر للسير على ضفاف نهر من الدموع وعنوة يرافقني اليأس رغم محاولتي التهرب منه، وهو يقول:
ما سبيلي إلا سبيلك وإني سائر حيث تسير ومتوقف حيث تتوقف، فقلت ما السبيل للخلاص منك فبدأ يسدي بنصائحه قائلاَ: كن شجاعاَ لا تخافني فأنا مخلوق مثلك فخوفك يزيدني عمراَ، ولا تعيرني اهتمامك وتفكيرك عندها أملّك وأبحث عن حامل آخر، ولا تنسى طعم الحياة أحلى مع المرارة، وإذا غامرت لا تجعل قواك تخور عند الفشل وإلا كانت الأخيرة وبركت ناقتك لتكون غذاء ليّ، وإن تعبت من فعل الخير التعب يزول والخير يبقى وإن تلذذت بالآثام اللذة تزول والآثام تبقى، فالليل مظلم وطويل لكن ليل الجور أظلم، ولا تكن كفتيلة تحرق نفسها لتضيء للآخر، بل اختار الأمل ليكون كل شيء ممكناَ، فالأمل طبيب كل تعاسة وهو الكاذب الوحيد الذي لم يفقد سمعته أمام الحقيقة، فالحياة لمن يبري قدماه خلف الأسراب الطائرة وللشجاع الذي يحدق إلى القاع بمقلة نسر، فكن هكذا تكن منتصراً دائماً.
نديم طالب ديب