العدد: 9371
الأحد-23-6-2019
مع كل تشكيل يولد صباح، يؤطر الحياة بطوابع مختلفة، تختلف الألوان والزوايا والأشكال فيها، لكن التوقيع الأخير يكون لإنسان هذا اليوم وبصمته …
في تتابع تشكيلي فني يداوم عليه العقل السوري النابض بالحياة دائماً، تولد صباحات ملونة تضمر المحبة والأمل على إطارات تتمايز وتمايز صاحبها، يخلق عنفوان اللون فيها لوحات تقص الحكاية أو تختبئ تارة وراء خطوطها، لكن اللون فيها لغة لا تموت وترسم أوابد دائمة من تاريخ ..
الفنون عامة هي مرآة لنفس الإنسان، عنفوانه، عذاباته، آماله وأحلامه، منها ما يرتسم على شاشة أو لحن شجي، أو يحمل على سمع، ومنها من يفرد جناحيه على لوحة تبوح وتمتلئ بالرؤى .
الفن التشكيلي السوري فن عريق قديم قدم هذه الأرض، ولعل أوابدها الصامدة على أرضها أكبر إخبار صادق عنها ، أبناؤها تابعوا المسيرة ، يحملون الريشة نفسها ، ومازال العقل السوري فيها مجتهداً لا يكل ، لتتابع الحكاية ويكون إنسانها يداً وعقلاً وروحاً وإبداعاً ..
يقول إسماعيل توتنجي « الفن مدرسة ورسالة ، هو ترجمة للأحاسيس العميقة الدفينة التي تترجم على لوحة ، الفن هو العطاء « .، وإسماعيل توتنجي هو أحد الفنانين التشكيليين السوريين ، عشق الرسم منذ نعومة أظفاره ، ليحقق حلمه لاحقاً بدراسته في كلية الفنون الجميلة بدمشق قادماً إليها من حلب ، تخرج من الكلية عام ١٩٧٨ م ليقدم العديد والكثير من الأعمال واللوحات في سورية والوطن العربي والعالم ، سواء بشكل معارض أو ملتقيات جماعية أو فردية، سافر إلى إيطاليا .
ودرس النحت ، ليمتزج الرسم مع النحت بدلالات متنوعة ، ويصير للتشكيل بعدٌ آخر ، تكلف بالعديد من المشاريع الفنية لإنجازها في سورية ، إضافة إلى حسه الوطني الذي ترجمه بملتقى (صرخة وطن) رداً على الحرب التي شنت على سورية ، ورداً على كل من يحاول أن يغير مسار اللون السوري
في لقائه الأخير وفي أحدث نشاط له في دار الأسد باللاذقية ، بحضور ياسر صبوح مدير دار الأسد وسمير مهنا المرشد الثقافي فيها وبحضور جماهيري لافت من المهتمين والمتابعين، حيث أقام ورشة عمل حي للتعريف بمادة (الإكريليك) المستخدمة في الرسم، فقام برسم ثلاث لوحات حملت عناوين مختلفة بأداء متميز ومتابعة حثيثة حول هذه الأعمال التي رسمها، واستخدامه لمادة الإكريليك ذات الميزات المتعددة كان لنا وقفة وحوار:
ما هو تاريخ دخول مادة الإكريليك إلى الرسم عالمياً وإقليمياً ومحلياً في سورية؟
هذه المادة هي حديثة الولادة في السنوات الأخيرة من هذا القرن، ولا تتجاوز سنوات قليلة ماضية ففي سورية كانت بدايتها منذ 20 عاماً تقريبا، وتم تداولها في سورية بحدود عام 2001م و أنا واحد من مَن استخدمها بذاك التاريخ على لوحات جدارية وقماشية، ولاقت إقبالاً كبيراً بالوسط الفني، ومادة الاكرليك وبداياتها كانت جدارية للأسطح والمنازل.
ما هي ميزات مادة الإكريليك في الرسم ؟
هي مادة جميلة من حيث الجودة والتعامل بها مبدع والأهم أنها غير ضارة للجهاز التنفسي حين استخدامها وهذا مهم جداً لكونها تمزج بالماء ،وتعطينا نفس الأحاسيس الجميلة ، كما أنها دقيقة التفاصيل ، وتحتاج لخبرة بالتعامل لكونها سريعة الجفاف ،أما من حيث استخدامها للرسم كما قلت فتعاملها السلس وجفافها السريع وألوانها البراقة وتأقلمها مع عوامل الطبيعة لأنها تبني طبقة جلاتينية متينة قابلة لتحمل والحفاظ عليها لسنوات طويلة وهي غير ضارة للجهاز التنفسي حين استخدامها الأمر الذي جعلها بهذه الأهمية للرسم وللديكور أيضاّ
كيف تأثر الفن التشكيلي السوري خلال الحرب الشرسة التي تعرضنا لها في هذه السنوات ؟
الحقيقة هي أن الفن كان تأثيره إيجابياً،ولم يتأثر على الإطلاق وأنا أول من أقدم أثناء الحرب، على الأعمال الفنية ،شاركت في كثير من الفعاليات والمعارض ،والفعاليات كانت مستمرة من بدايات الأزمة وإلى الآن ، أنا وكثير من الزملاء الفنانين، والأجمل كنا قلباً واحداً ، الأمر الذي زادنا عزيمة على العطاء، وإن دلّ هذا إنما يدل على أن سورية بخير كانت وما زالت ذات رسالة حضارية قدمتها للبشرية وتقدمها وستقدمها دائماَ ، وكان الذي زادنا قوة ابتسامة أطفالنا و أنا واحد من الذين داخلوا المدارس ، ورسمت على جدرانها وعلى جدران المدن السورية وطرقها وشوارعها ونحتنا أشجارها وهذا ليس كلاماً بل هو فعل، فلو نظرتي لصفحتي الشخصية على الانترنيت لوجدت أن كل ما أقوله …وهذا اقل واجب عليّ كفنان سوري، أقدم عطائي وفني ليس لسورية فحسب إنما هي كانت رسالة للعالم أجمع.
برأيك كيف تقيّم التجربة التشكيلية السورية وحضورها على الساحة العالمية ؟ المرأة ، الفنانة التشكيلية ، ما هو حضورها الفاعل في هذا الجانب ؟
تعد المشاركة النسائية قليلة نسبياً، رغم وجودها المتميز إلا أن مشكلة عدم ظهورها هو في تسويق أعمالها إعلامياً، فهناك الكثير من الفنانات المتميزات لم يُسلّط الضوء عليهن جيداَ ، مع هذا وبالمجمل فهي لم تشارك بحضورها على الساحة الفنية كالرجل ، ولكن في السنوات الأخيرة أشعر لها وجود أقوى على الساحة الفنية، وتواجدها له حضور قويّ ، وهنا أحبّ أن ألفت النظر إلى أننا يجب أن نعطي الفرصة لشباب اقصد من الخرجين بالفن التشكيلي ، وأنا أعتقد قد بادرت بهذه الفرص لشباب وشابات من الخريجين والمهتمين بهذا الفن ، وشاركتهم في ملتقيات ومعارض، كالمعارض جماعية ،وملتقيات ، مثل (جرح. وطن ) و (بسمة وطن).
ما هي مشاريعك القادمة ؟
ج- آخر أعمالي الحالية. ملتقى (بسمة وطن )قريباً بالمتحف الوطني هنا في اللاذقية من( 1 آب – ولغاية10 آب ) مع مجموعة من الفنانين وطلاب كلية الفنون الجميلة باللاذقية إضافة إلى أنني أقوم بدراسة منحوتة تخص الشهداء من الجيش العربي السوري سوف توضع في مقبرة الشهداء في (بسنادا) بالتعاون مع محافظة اللاذقية .
سلمى حلوم