الوحدة :26-2-2024
(شباط)، يبدو أنّنا دخلنا بما يشبه متلازمة الرعب لهذا الشهر – كما كذبة نيسان – سابقاً كان شباط “بعبع” العجائز وشبح كبار السن، لكنه اليوم أصبح صاحب المفاجآت والمآسي، فخلال عامين متتاليين وضعنا ضمن ظُروف لا نُحسد عليها، فكحّل أوقاتنا في صباح السادس منه العام الماضي بزلزال رسم خطوطاً طويلة لمستقبل مجهول، واضعاً الحدّ لأرواح كثيرة، فشُرّدت عوائل وتشوّهت المعالم والمعاني لحياة الكبير والصغير.. وهذا العام، لم نكد نستريح من هول ذلك الحدث، حتّى وجدنا أنفسنا ضمن عواصف وأمطار كارثية لم نراها سوى بأعمال وأفلام هوليودية مشوّقة، عصفت بالطبيعة ومكوناتها، من أملاك حكومية ومنشآت خاصّة، أرهقت القطاعات الخدمية لعدّة أيام، سبق ذلك في عكّار طرطوس عندما عكّرت الطوفانات المطرية سكّان جنوب المدينة، هجّر وخرّب أملاك الكثيرين، وغيّر معالم القرى الوادعة، ووضع هناك بصمة لا تُنسى، وهذا على مستوى الطبيعة وغضبها ضمن تقاسيم شهر شباط الطويل.. أمّا على المستوى العام لهذا الشهر الكبيسي، وتحديداً عبر الضغط المعيشي المتزايد، والمحاولات الحثيثة للخروج من عنق الحاجة، كان هناك زيادة ال ٥٠%، التي ابتلعتها أسواق الخضار، فطرأ تعديل على أسعار الخبز، والمحروقات، ترافق هذا مع حزمة ارتفاعات أخرى على الكهرباء، وبالأمس على الهواتف الأرضية وملحقاتها التقنية، وكل ذلك يأخذنا إلى واقع مشوّه يدلّ على أننا نتقاضى معاشاتنا بالبدعة الخضراء وشقيقها الأوروبي، أيضاً هذا في شهر شباط كبيسي العدد والعدّة .. وعلى مقلب إنساني آخر، أصبحنا نرى أطفالاً مشرّدين منذ الصباح فرحين بواقعهم يفترشون الشوارع يتعلّقون
“بالغادي والبادي”، بينما أقرانهم وأبناء جيلهم داخل الصفوف المدرسية، وهذا يدلّ على رعونة العيش وفقدان الثقة بالمتابعة الصحيحة لهؤلاء الصغار.. فهل نشهد في رمضان الكريم المقبل لمسة سحرية تضرب على هذه الأوضاع، فتغيّر الأحوال وتقلب الموازين، فتنتشي الوجوه وتذهب عُقد الحزن عن الجبين؟.. نأمل.
سليمان حسين