رمز العطاء والسخاء

العدد: 9368

18-6-2019

 

كان وما زال حامل الرسالة التي آمن بها فكان خير الأمين على خلق ربّ العالمين وكان خير الراشدين، هو المعلِّم، ذاك الإنسان الذي حمل الأمانة مرتين وأحبَّ نفسَه مرتين، ورآها مرّتين.
حمل الأمانة عندما أخذ على عاتقه أن يكون معلِّماً (وهل من مفخرة بعد أو قبل من أن يكون المرء معلِّماً) ينقل علوم الأوّلين إلى الطالعين القادمين حاملين معهم خير زاد متسلّحين بالعلم والمعرفة ترجمةً لكلمة معلِّم.
وأحبَّ نفسه عندما أخذ على عاتقه أن يتمنّى للآخر خير ما يتمنّاه لنفسه انطلاقاً من الإنسانية التي تشبّعَ بها خَلْقاً وخُلُقاً فكان كَمَنْ يحمل آخر في قلبه وروحه ويسعى أن يكون ذاك الآخر الأفضل والأمثل.
وأراد أن يرى نفسه في نفسه عندما آمن بأنّ الإنسان لن يكون إنساناً إلاّ إذا آمن بأنّه الحقيقة المتجلّية في الصورة الآدمية التي جعلها ربّ العالمين أحسن صورة وأفضلها.
هو المعلِّم الذي أعطى وكان العطاء بلا حدود فأجزله وأكرمه وما كان في يوم من الأيام بخيلاً على متعلّميه بل كان المخلص الناصح والمرشد الأمين فأخلص في عمله وقدّم علمَه ولم يكن لينتظر الشكر والجزاء، بل إنّه ساقي الحبّ في القلوب التي امتلأت به وفاضتْ، هذا إنْ لم نقلْ إنّه صانع الحبَّ وناشر الفضيلة ومعلِّماً الآخرين أنّ الحب هو الرسالة التي لا حدود لها ولا قيود، فكان خير مَن فتح الحدود وأطلق القيود، وعَبَرَ البلاد وأنار عقول العباد.
هو المعلّم الذي لم يكن ليعلِّم الحرف كتابة وقراءة فقط بل هو مَن انطلق مِنَ الفكر إلى الفكر فكان المبدع في تعليم التفكير وحسن التدبير وهو مَنْ أكسب المتعلِّمَ مهاراتٍ تجعله سنداً لأمّته في قادمات الأيّام إذا ما ألمّتْ بها النائبات والملّمات فكان صانع الأجيال وحامي حدود البلاد وكان الطبيب الذي يداوي الجهل بالعلم والمحارب الذي يقارع الأميّة الفكريّة إيماناً منه بدور الإنسان في أن يوفّر أسبابَ الراحة لأخيه الإنسان، فكان بحق رمزاً للعطاء والسخاء.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار