العدد: 9368
18-6-2019
راعَنا مشهد تمزيق الكتب المدرسيّة في آخر أيام الامتحان الماضية للمرحلتين الأساسية والثانوية أمام عدد من المدارس، وكأنّ ثمّة ثأراً بين هؤلاء الطلاّب وكتبهم، حتّى اكتست الشّوارع بالأبيض آنذاك لتخال نفسك في عزّ ثلج الشّتاء.
إنّه صقيع القلوب والعلاقة الباردة بين الطّالب والكتاب، أزمة ارتباط بينهما يُفترض أن تكون عُراها أوثق وأقوى، قائمة على المحبّة والألفة، أيستحق هذا الكتاب الذي رافقك طيلة أيام العام الدراسي، ونهلْتَ من فيض علومه ومعارفه، وأكسبَك من خبرات مؤلّفيه وعلمائه، أن تمزّقه أشلاءً وتقطّعه إرباًً، أهكذا يُردُّ الجميل؟
ألا يجدر بهؤلاء الطّلاب إكرام كنزهم الثمين وصونه وحمايته حتّى من ذرّات الغبار إن طالته؟ ومن جدائل الشّمس إن لفحَته؟ ومن بوّابات النسيم إن لاحقته؟
كتابنا نأخذه بيُمنانا، ما نطق الحقّ سواه، وما بشّر بالخير والمحبّة سواه، وما نشر المعارف والعلوم والآداب والأخلاق سواه، إنّه أيقونةٌ جديرةٌ باعتلاء صدارة الجدران لا رفوف المكاتب والمكتبات.
جيل اليوم يعيش إشكاليّة العلاقة بينه وبين الكتاب في ظل مساحاتٍ شاسعةٍ بينهما، زادت في بُعدها واتّساعها التكنولوجيا الحديثة بوسائلها وأدوات اتّصالها، فقطعت الاتّصال بينهما، وشتّت شملهما، وبات الكتاب في غياهب النسيان بانتظار صبح جديد يعيد إليه ألقه ورونقه.
أمّا جيلنا وقبله أجيال السّلف قدّرنا قيمته أيّما تقدير، حتّى إن البعض ما يزال يحتفظ بكتبه الجامعية وملحقاتها حتّى الآن.
ولا شكّ ينطبق هذا على كثيرين ممن عشقوا رائحة الورق وتوطّدت أواصر المحبّة والتّقدير والاحترام بينهم وبينه.
ونحن اليوم في عزّ أيّام امتحانات الشّهادتين الإعدادية والثانوية، نأمل ألّا يتكرّر المشهد المحزن الآنف الذكر، ولعلّه لن يتكرر، طالما النّتائج غير مضمونة والعواقب غير مكفولة، آملين استعادة الكتاب كفّته الراجحة في زمنٍ اختلّ فيه ميزان القيم ومبادئها.
ريم جبيلي