عـــناد الأطفـــال من منظـــور علـــم النفــــس الـــتربوي

العدد: 9367

17-6-2019

 

استمعتُ إلى حديث إذاعي للمرشد التربوي د. مصطفى أبو سعد، وكان محوره حول عناد الطفل، إذ يرى أن العناد يبدأ تقريباً بعد إتمام السنة الثانية من العمر، وهو أمر طبيعي، فالطفل الذي لا يعانِد ينبغي أن نضع علامات استفهام بشأنه، فهذا الأمر هو مرحلة قبل أن يكون سلوكاً، إنه النزوع نحو الاستقلال، وهو اللغة التي يستخدمها الطفل للاعتماد على ذاته، ويقول المستشار: أنا أرى أن العناد هو الأرضية التي تُبنى عليها شخصية الإنسان القوية، والولد الذي لا يعاند لم تتحقق له أساسيات هذه الشخصية.
وإذا عاند الأبوان الولد ولم يسمحا له أن يحصل على استقلاليته بلغة العناد، فهو أمام أمرين:
أولهما الاستسلام، فيسمع ويطيع ويستسهل ويتمتع بالحياة الهادئة التي فيها الاعتماد الكلي على سواه، وهذا هو ضعف الشخصية الذي يتمثل في التأتأة، وقلة الطعام، والبكاء، وقلة النوم، وقضم الأظافر، ومص الأصابع، وهنا لا بد من أن يتحول إلى إنسان غير مبادِر تقوده الأحداث، بدلاً من أن يقود الأحداث، والأحداث تصنعه، بدلاً من أن يصنع الأحداث.
والأمر الثاني، استمرار الولد في عناده الذي يمكن أن يتطور إلى التمرُّد والعصيان والعدوانية والعنف.وفيما يتعلق بعلاج العناد، يرى المستشار أنه من الضروري اتباع الخطوات الآتية:
* علينا أن نتفهم أن العناد هو أمر إيجابي، فهو اللغة التي يستخدمها الطفل ليحصل على الاستقلالية، وهو اللغة التي يستخدمها ليتعلم من خلالها مهارة وقيمة المسؤولية، واختبار قدراته.
* علينا أن نتقبل عناد الطفل، والابتعاد تماماً عن تعنيفه مهما أبدى من الظواهر السلبية المتمثلة في التمرّد والصراخ والبكاء.
* التحدّث مع الطفل العنيد حول مواضيع عامة بعيدة عن انتقاد سلوكه، وذلك مثل الحديث مثلاً عن أمور تتعلق بالسيارة أو العمل..
* استخدام أسلوب المدح والثناء عليه، والتركيز على إيجابياته كلما سلك سلوكاً جيداً، مثل (أنت رائع، أنت نشيط، أنت مجتهد، أنا فخور بك).
* محاولة تجاهل السلوك السلبي الذي يصدر عن العنيد.
وفي النهاية يقول المستشار إن التمرّد يكون خطيراً حين يطال القيم والأعراف والمثل الأخلاقية والقوانين، وهذا الأمر لا نريده أن يكون في أبنائنا، لكن ينبغي التنبُّه إلى أن التمرّد قد يكون أسلوباً لحماية الذات من التأنيب والتوبيخ والنقد، فحين يكون الأب لا يعرف إلا اللوم (لا تجلس هنا، لا تذهب، لا تفعل)، فعندها يبدأ الابن في حماية ذاته من خلال التمرّد، والذات الإنسانية في الحقيقة لا تنمو في البيئة التي تنقد، لكنها تنمو في البيئة التي تكون مليئة بالعطف والمديح والحب والتفهّم.

د. رفيف هلال 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار