الموبايل في يد الأطفال علّة

العدد: 9367

17-6-2019

الموبايل في يد الأطفال علة دواؤها مفقود من الصيدليات، اقتناؤه كارثة في البيت وظاهرة مخيفة بدايتها لهو وتسلية ونهايتها إدمان كشرب الخمر والتدخين وتعاطي المخدرات، وعادة سيئة لا يمكن التخلص منها بسهولة لأن عصيرها منعش ولذيذ ومستساغ وحلاوتها كحلاوة السكر وتمتزج في خلايا الجسد، ريحها عاصف وتنينها غضبان، أوارها متأججة في الصدر والأحشاء تحرق الكبد والفؤاد والأصابع التي تداعبها تذوب كالشمعة في النار تؤذي النظر وتحرق كل ما في الجيوب من أموال زيادة عن مصروف التعليم من كتب ودفاتر وأقلام، وأجور الساعات الخصوصية التي تقص الظهر وتنحني لها الهامات، وتوفيرها يكون على حساب الرغيف ووجبات الطعام وترقيع الثياب والحذاء والأهل كبش الفداء ينامون على الأرض جياعاً، وفي فراشهم الهم والقلق والخوف من غدر الزمن على مصير مستقبل أولادهم الذي سيكون على كف عفريت، وصوت النجدة والاحتياجات والمطالبة السريعة كل هذه المشكلة المعقدة في كل مكان في المنازل والدوائر والمدن، وصرخة لآه منك يا موبايل يا شيطان يا قاهر أحلام ورغبات الآباء والأمهات ونصائحهم المستمرة في الليل والنهار، وهم محرومون من النوم ولذة الأحلام ومن إضاءة قناديل مستقبلهم، يخاطبهم بكل اللغات ويغويهم لاقتنائه بأي شكل من الأشكال ومهما كان الثمن عالياً، ونصائح الأهل لم تتوقف لحظة تلاحقهم كالظل تنهمر وتحذرهم من خطورته على حياتهم ومستقبلهم معاً وبعدها يندمون وبكفهم يضربون على خدهم ويقولون يا ليت الذي صار ما صار وقطار الندم يكون قد غادر محطة يا ليت وهم في بحر من المتاهات يغرقون ويستنجدون ولا يجدون من ينجدهم ويعيشون متسكعين تائهين في درب الأيام تكويهم نار جهنم الملتهبة وهم لا يدرون نهاية المشوار وأنت لا تدري حجم المعاناة، والعقلاء والمفكرون وأصحاب الرأي السديد بذلوا جهوداً كبيرة لمعالجة هذا الداء، وذلك بتكليف الأهل بتلقيح أولادهم بجرعات من النصائح والإرشادات والوعود الصادقة بتحقيق كل طلباتهم ورغباتهم في شراء الألعاب الحلوة والمسلية لهم والثياب الجديدة والجميلة وأخذهم مشاوير إلى الحدائق العامة ومدينة الملاهي للعب مع رفاقهم وزيارتهم في الأعياد والمناسبات وتبادل الهدايا بعيداً عن لغة التهديد والوعيد والعصبية مع اقتراحهم بتقسيم ساعات اليوم إلى ثلاثة أقسام – قسم مخصص للدراسة – قسم للهو والتسلية بالموبايل – والقسم الثالث للنوم والراحة وتنشيط لذاكرة ولكن لكل علة تظهر فائدة وخاصة باقتناء الموبايل للضرورة لتأمين متطلبات العمل وظروف الحياة اليومية المستعجلة لأنه الوسيلة الناجحة لحل جميع المشاكل العالقة وخادم مطيع لتنفيذ الأوامر بلا تذمر أو إكراه أو احتجاج يجيب بطلاقة على كل الاتصالات الداخلية والخارجية وبالصوت والصورة ينقلك إلى الجهة المطلوبة بسرعة البرق، خادم خفيف الظل سريع البديهة والقفز فوق السحاب كالصاروخ الموجه يخفف البعد ويقرب المسافات بلحظة خاطفة يدعك تتكلم مع الأهل والأصدقاء ويحل مشاكلك وييسر أمور حياتك.

عيسى موسى موسى 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار