في اليوم التالي للطلاق ..لا تدعي الحزن يحتل قلبك

الوحدة 9-1-2024

إن اليوم التالي للطلاق لا يشبه اليوم السابق أبداً، صحيح أن الشمس ستشرق من الجهة نفسها، وأن ملامح الناس المحيطين لا تبدو مختلفة عما سبق، وكل شيء في المكان كما هو، لكن شيئاً ما في داخلنا انكسر وأثر بشكل جوهري في الطريقة التي نرى بها العالم ونستقبل بها الحياة….
إن للانهيار الحاصل في ذلك اليوم تداعيات عاطفية ونفسية أشبه بتسونامي وهي تجتاحنا على نحو جارف يشعرنا بالخسارة والخذلان وانعدام القيمة والخوف من المجهول والأرق والريبة من الناس.. إلخ. إن ما يغيب عن بال بعضنا هو أنه مهما كانت العلاقة الزوجية مضطربة وصعبة، ومهما كان الرجل أو المرأة تواقاً للانفكاك منها فإن شعوراً جارفاً بالخسران ينتاب المرء بعد الطلاق، ولا يفارقه إلا بعد حين.
إن بعض الأزواج يتحسبون لذلك الإحساس والخسران لدرجة أنهم يفضلون البقاء مع شريك غير مرغوب فيه على الخروج من عش الزوجية إلى حرية ملأى بالخوف والخسران.
ومن الخطأ القفز إلى استنتاج سريع مفاده أن خلاص المرء من تلك الحالة يتم من خلال دخوله في علاقة عاطفية جديدة فقد تبين أن العودة للبحث عن الحب بعد الطلاق هي تجربة محفوفة بالإخفاق لأسباب منها أن الشخص المطلق هو شخص صعب من وجهة نظر الآخرين، فذلك الشخص محكوم بتجربة فاشلة ومريرة ما يعني أنه على الأقل يكون شكاكاً وخائفاً ومتردداً وغيوراً. إن لم يكن من النوع الذي يطور نزعات انتقامية تجاه الجنس الآخر ..
الحياة كما هو معروف زاخرة بالأخطاء والهفوات والمصادفات والحوادث السارة وغير السارة والملابسات والمفارقات، والشخص الذي خرج من تجربة طلاق مريرة لن يفسر كل شيء من الزاوية الحسنة، بل سيتعامل مع الكثير من تلك الظروف انطلاقاً من نظارته القاتمة التي فرضتها عليه تجربته السوداء.
أكثر ما يميز هذا الشخص هو ميزة القفز نحو استنتاجات خاطئة في حالات قد لا تحتمل أكثر من تعليق خفيف أو حتى ابتسامة، وعندما يكون ذلك في سياق علاقة جديدة فإن الطرف الآخر قد يصل إلى حافة الجنون في تعامله مع حالة لا ذنب له فيها على الإطلاق.
فعلى كافة الرجال والنساء الخارجين من تجربة زواج فاشل إلى علاقة عاطفية جديدة .. (لا تدفن مشاعرك السلبية في صدرك)، إن فعلت ذلك فإنك قد اخترت أسوأ الحلول، أطلق العنان للسانك كي يعبر عن كل مخاوفك، صارح شريكك الزوجي بما لديك من هواجس وقل له من البداية إنك بحاجة إلى وقت لكي تتعرف إلى أن العالم أقل قبحاً مما فرضته تجربة الطلاق عليك تذكر أن العالم من حولك مملوء للأسف الشديد بآفة الطلاق إنك تعيش في عالم أصبح الطلاق فيه أمراً عادياً.
هل تذكر أحاديث أيام زمان عن المرأة المطلقة مثلاً؟ لقد كان الناس يشيرون إلى تلك المرأة عن بعد كيلومترات، أما الآن فلا أحد يشير لأن المطلقات والمطلقين في كل اتجاه.
خلاصة القول:
إن التغلب على الصعوبات النفسية بعد الطلاق هو تحد كبير، والأذكياء فقط هم الذين يصنعون من التحديات فرصاً للانطلاق نحو آفاق أكثر رحابة وسعادة.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار