أسباب القطيعة بين القارئ والكتاب وعوائقها؟

الوحدة- مهى الشريقي
ما سبب القطيعة بين القراء والكتاب؟ ولماذا لم يعد للكتاب سحره ورونقه ومكانته التي احتلها على مدى عشرات العقود، هل هي السوشيال ميديا فقط؟
أم هناك أسباب أخرى؟ كتقصير الكاتب نفسه بالنشر، أم دور النشر التي لا تقوم بدورها في إيصال الكتب المميزة بسبب عدم وجود سياسة تسويقية لها، أو بسبب غلاء أجور النشر ، أو قد تكون قلة المعارض التي تساعد في نشر الكتاب، أم غلاء أسعار الكتب.؟

للإجابة على هذه التساؤلات، كانت لنا وقفتان الأولى مع الأديبة المميزة هدى وسوف، التي عبّرت عن رأيها في هذا الموضوع فأجابت: يمتاز العصر الحديث بسيطرة التكنولوجيا على جميع مناحي الحياة الاجتماعية، فهي تغزو البيوت والعقول بدون استثناء ولا يكاد يسلم منها فرد أو جماعة، وهذا أمر طبيعي فرضته طبيعة الظروف وطبيعة الحياة، ونتج عنها تغيُّر في الأنماط المعيشية والسلوكيّة للأفراد فرأينا الكثير من الأسباب التي دفعت القارئ للاستغناء عن القراءة التقليدية ومطالعة الكتب الورقية بالالتجاء إلى الوسائل التكنولوجية كالهاتف المحمول واللابتوب؛ ففيها إمكانيّة حصرِ مصادر القراءة في مكان واحد. فبدل التشتت والبحث عن كل كتاب يريد قراءته يستطيع أن يجد كل الكتب الإلكترونية في جهازه مباشرةً؛ والأمر الآخر هو الاتساع الشديد في الانترنت، فكل شخص لديه محدودية في القدرة على اقتناء الكتب الورقية لقلة المساحات التي يمكن توفيرها كمكتبة داخل المنزل، وأيضاً هناك محدودية الكتب ونوعها، في حين أن الكتب في الأجهزة الإلكترونية لا حدود لعددها ونوعها وتوسعها وأيضاً لا تتطلب مكاناً خاصّاً بها.

أمرٌ آخر هو سهولة الحصول على المعلومات فهناك محركات البحث كغوغل ومصادر معلومات كالويكيبيديا وسواها، والتي قد تُغني عن الكتب الموسّعة لغير المتخصصين، فبعض المعلومات لا يحتاج الشخص أكثر من الاطلاع السريع أو العام عليها و هو ما يناسب طبيعة العصر.
أيضاً لا ننسى “الإدمان على استخدام الجهاز الإلكتروني”، بما يقدمه من خدمات كثيرة وإمتاع دائم وبذلك يحاول الشخص ربط حاجاته من المعلومات والأخبار به، و يجد كل ما يريد في مكان واحد بدلَ أن يفصل مصادر المعلومات عن مجالات الاستمتاع.

ونصل إلى الأسباب الاقتصاديّة، وهي ارتفاع سعر الكُتب الورقيّة، وعدم توفرها دائماً حيثُ باتَ الهمّ الأول والهاجس الأساسي عند الإنسان تأمين مستلزمات حياته ومعيشته الأساسيّة و الضروريّة.
لكن الكتب موجودة وعلى اختلاف محتوياتها ومستوياتها،  ويبقى للكتاب الورقي جماله  ورونقه الخاص و لِكُلِّ كتابٍ رائحةٌ خاصة به قد تحمل ذكريات وأسراراً رائعة.

كما كانت لنا وقفة ثانية مع الأستاذ لوثر حسن، صاحب دار عين الزهور للنشر والتوزيع الذي شاركنا رأيه في هذا الموضوع فقال:
أزمة القطيعة بين القارئ والكتاب، ليست بسبب دور النشر أبداً، على العكس تماماً، ورغم كل القحط والفقر الذي عشناه منذ سنوات، ما زال وضع الكتاب بنفس الوتيرة، ولم يخف النشر.

وقد يكون السبب في  العزوف عن الكتاب هم الناس الذين مروا وما يزالون يعيشون ظروفاً مادية صعبة للغاية.
وإن سلّمنا أن هناك أزمة تسويقية للكتاب، فالسبب برأيي اقتصادي بحت، فأصغر رواية سعرها ثلاثون ألفاً، يحسبها المواطن ويتساءل كم ربطة خبز تشتري له؟
أيضاً من أسباب البعد عن اقتناء الكتاب، هو السوشيال ميديا التي استحوذت على حياة كل الناس، وقراصنة الانترنت، والكتب الإلكترونية، التي أصبحت بمتناول الجميع بكبسة زر ومجّاناً.
وبالوصول إلى نقطة معارض الكتب، المعارض الخارجية هي الأهم، وتحتكرها دور النشر الكبيرة لأنها مكلفة جداً، أسعار تذاكر السفر، وأجور الشحن، والإقامة في البلد المضيف للمعرض.

ومن العوائق التي لابد من ذكرها هو تذبذب سعر الدولار، وهذا بدوره يؤثر على تذبذب أسعار الورق، والحبر ومواد الطباعة، وكل الأجور المرتبطة بالنشر.
معظم دور النشر تنشر على حساب الكاتب، الذي يدفع كامل كلفة كتابه. وبكل الأحوال نشر الكتب بات عملاً غير رابح.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار