الوحدة – يارا السكري
متوجهاً إلى الشعب السوري في كلمة متلفزة فجر اليوم، أكد السيد الرئيس أحمد الشرع أن الشعب السوري اليوم يواجه تحدياً جديداً، في قلبِ معركةٍ تهدفُ إلى حمايةِ وحدةِ البلاد وكرامةِ الشعب، والتصدي لمحاولات الكيانَ الإسرائيليّ استهدافِ استقرار الوطن، وخلقِ الفتنِ بين أبنائه.
وقال الرئيس الشرع: “في خضمِّ الأحداثِ التي تعصفُ بالوطن، كان من الواجبِ الوطنيِّ التوجه إلى الشعب في رسالةٍ من القلب، هذا الشعبِ الذي طالما تحدى الصعاب، ولم يتراجعْ يوماً عن مبادئِهِ الثابتة، شعبُنا الذي ضحى بالغالي والنفيس، من أجلِ أن تظلَّ سوريا حرةً أبية، وفي مقدمة الشعوبِ التي تتطلعُ إلى العزةِ والكرامة. لقد خرج شعبنا في ثورة من أجل نيل حريته، فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته، في حال مسها أي تهديد”.
وأشار الرئيس الشرع إلى محاولات الكيانَ الإسرائيليّ وسعيه منذ سقوط النظام البائد إلى استهدافِ الاستقرار في سوريا وخلقِ الفتنِ، حيث”لا يكفُّ عن استخدامِ كلِّ الأساليبِ في زرعِ النزاعاتِ والصراعات، غافلاً عن حقيقة أن السوريين بتاريخِهم الطويل، رفضوا كلَّ انفصالٍ وتقسيم”، لافتاً إلى “أن امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أن الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، قد تكون قادراً على بدء الحرب، ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها”.
وشدد السيد الرئيس أن الدولةَ السوريةَ هي دولةُ الجميع، وكرامةُ الوطنِ وعزته هي حُلُمُ كلِّ سوريٍّ في أن يرى وطنَه يعيدُ بناءَ نفسِهِ من جديد، حيث نتحدُ جميعاً دون تفرقةٍ من خلال هذه الدولة لأجل أن نُعيدَ لسوريا هيبَتها، ونضعَها في مقدمةِ الأممِ التي تعيشُ في أمنٍ واستقرار، مضيفاً أن”بناءَ سوريا جديدة، يتطلب منا جميعاً الالتفافَ حول دولتنا، والالتزامَ بمبادئها، وأن نضعَ مصلحةَ الوطنِ فوق كلِّ اعتبارٍ فردي، أو مصلحةٍ محدودة،وما نحتاجُهُ اليوم، هو أن نكونَ جميعاً شركاءَ في هذا البناء، وأن نعملَ يداً بيد، لتجاوزِ كافةِ التحدياتِ التي تواجهُنا”.
كما أكد الرئيس الشرع أن الوحدةُ هي سلاحُنا، والعملُ الجادُ هو طريقنا، وإرادتُنا الصلبةُ هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبلَ الزاهر، وأننا “أبناء هذه الأرض، والأقدرُ على تجاوزِ كلِّ محاولاتِ الكيانِ الإسرائيليِّ الراميةِ إلى تفريقنا، وأصلبُ من أن تُزعزعَ عزيمتُنا بفتنٍ مفتعلة، نحن أبناءُ سوريا، نعرفُ جيداً من يحاولُ جرَّنا إلى الحرب، ومن يسعى إلى تقسيمِنا، ولن نعطيَهم الفرصةَ بأن يورطوا شعبَنا في حربٍ يرغبون في إشعالِها على أرضنا، حربٌ لا هدف لها سوى تفتيتِ وطننا، وتشتيتِ جهودِنا نحوَ الفوضى والدمار، فسوريا ليست ساحةَ تجارُبَ للمؤامراتِ الخارجية، ولا مكانًا لتنفيذِ أطماعِ الآخرين، على حسابِ دماءِ أطفالِنا ونسائِنا”.
وخصّ الرئيس الشرع في كلمته أهلَنا من الدروز قائلاً: “أخصّ في كلمتي أهلنا الدروز، الذين هم جزءٌ أصيلٌ من نسيجِ هذا الوطن، إن سوريا لن تكونَ أبدًا مكانًا لتقسيمٍ أو تفتيتٍ، أو زرعِ الفتن بين أبنائها”، مؤكداً أن حمايةَ حقوقهم وحريتهم”من أولوياتنا وأننا نرفضُ أي مسعًى يهدفُ لجرِّكم إلى طرفٍ خارجي، أو لإحداثِ انقسامٍ داخلَ صفوفنا، إننا جميعًا شركاءُ في هذه الأرض، ولن نسمحَ لأيِّ فئةٍ كانت أن تشوِّهَ هذه الصورةَ الجميلة، التي تعبرُ عن سوريا وتنوعِها”.
وأوضح السيد الرئيس أن الدولةُ السوريةُ تدخلت بكلِّ مؤسساتِها وقياداتِها، وبكلِّ إرادةٍ وعزم، لوقفِ ما جرى في السويداءَ من قتالٍ داخلي، بين مجموعاتٍ مسلحةٍ من السويداء ومن حولَهم من مناطق، إثر خلافاتٍ قديمة، وأنه “بدلاً من مساعدةِ الدولةِ في تهدئةِ الأوضاع، ظهرت مجموعاتٌ خارجةٌ عن القانون، اعتادت الفوضى والعبثَ وإثارةَ الفتن، وقادةُ هذه العصابات هم أنفسُهم من رفضوا الحوارَ لشهورٍ عديدة، واضعين مصالحَهم الشخصيةَ الضيقةَ فوق مصلحةِ الوطن، وارتكبوا في الأيامِ الأخيرةِ ما ارتكبوا من الجرائمِ بحق المدنيين، ورغم ذلك قامت وزارتا الدفاعِ والداخلية، بتنفيذ انتشارٍ واسعٍ في محافظة السويداء، في إطار جهودهما الحثيثةِ لضبطِ الأمن، وإنهاءِ حالةِ التصعيدِ التي شهدتها المنطقة”، حيث نجحت في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الاسرائيلي إلى استهداف موسع للمنشآت المدنية والحكومية لتقوِّيض هذه الجهود، مما أدى إلى تعقيدِ الوضعِ بشكلٍ كبير، ودفعِ الأمورِ إلى تصعيدٍ واسع النطاق”، لافتاً إلى التدخل الفعّال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول.
وتطرق الرئيس الشرع إلى تقديم الدولة مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، ومنع الانزلاق إلى فوضى جديدة عبر اتخاذ القرار الأمثل لهذه المرحلة والذي جاء دقيقاً بهدف حماية وحدة الوطن وسلامة أبنائه، بناء على المصلحة الوطنية العليا، حيث” قررنا تكليفَ بعضِ الفصائلِ المحليةِ ومشايخِ العقل، بمسؤوليةِ حفظِ الأمنِ في السويداء، مؤكدين أنَّ هذا القرارَ نابعٌ من إدراكِنا العميق، بخطورةِ الموقفِ على وحدتِنا الوطنية، وتجنبِ انزلاقِ البلادِ إلى حرب واسعةٍ جديدة، قد تجرُّها بعيداً عن أهدافِها الكبرى، في التعافي منِ الحربِ المدمرة، وإبعادِها عن المصاعبِ السياسيةِ والاقتصادية، التي خلَّفها النظامُ البائد”.
وقال الرئيس الشرع: “كنا بين خيارين الحرب المفتوحة مع الكيان الاسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام، فلسنا ممن يخشى الحرب، ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار”.
واختتم السيد الرئيس كلمته بالقول “أننا حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء”، مؤكداً الحفاظِ على وحدةِ البلاد واستقرارِها، “وسلامة أهلنا والعمل على تأمينِ مستقبلِ أبنائهم، بعيداً عن أي مخاطر قد تقوِّض مسارَ النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا”.