الوحدة: 14-4-2025
في مدينة اللاذقية، حيث يلتقي البحر بالجبل، تُشكّل حرفة صناعة شباك الصيد واحدة من أقدم وأهم المهن التي ارتبطت بهوية المدينة الساحلية.
هذه الحرفة، التي توارثها الصيادون أباً عن جد، لا تزال حية حتى اليوم، رغم التغيرات الكبيرة التي طرأت على قطاع الصيد وأساليب العمل الحديثة.
في أزقة الأحياء القديمة القريبة من المرفأ، يمكن للمار أن يشاهد رجالاً ونساءً يجلسون أمام خيوط ملونة، يحيكونها بدقة وصبر، ليصنعوا منها شباكاً تختلف في الحجم والنوع حسب نوع الأسماك المستهدفة وطبيعة المياه.
“الغزل”، و”الكمشة”، و”الجرّ”، كلها أنواع من الشباك يصنعها حرفيو اللاذقية بمهارة عالية، مستخدمين أدوات بسيطة ولكنها دقيقة، مثل الإبرة الخشبية والمسطرة الحديدية.
تتميّز شباك الصيد اليدوية بجودتها العالية ومتانتها، ما يجعلها مفضّلة لدى العديد من الصيادين مقارنةً بالشبك الجاهز المستورد. كما يتم إصلاح الشباك القديمة يدوياً أيضاً، وهي مهارة لا يتقنها إلا من تمرّس طويلاً في هذه المهنة.
ورغم التطور في معدات الصيد، لا تزال هذه الحرفة تحتفظ بمكانتها، ليس فقط كمصدر رزق، بل كجزءٍ من التراث البحري للاذقية.
ويؤكّد كثير من الحرفيين أن المهنة مهدّدة بالاندثار إذا لم يتم دعمها وتدريب جيل جديد على أسرارها، خاصةً في ظل عزوف الشباب عن العمل اليدوي وغياب الدعم المؤسسي.
إن الحفاظ على حرفة صناعة شباك الصيد هو حفاظ على روح اللاذقية، وعلى جزء من ذاكرتها الجماعية المرتبطة بالبحر، بالسفن، وبالرحلات التي تبدأ مع طلوع الفجر.
ريم ديب
تصفح المزيد..