قـلق الآبـــاء والأمهـــات في الامتحـــانات

العدد: 9364

12-6-2019

إن شبح الامتحانات وقلقها طال الأهل لتراهم يقفون على المفارق والطرقات وأبواب المدارس بالمئات وقد ازداد عددهم في اليوم الأول بعد أن هرب النوم من جفونهم وساهروا قمر ليلهم الطويل مع هاجس خوف تملكهم وتمكّن منهم، ليكونوا برفقة أولادهم بوعود وآمال يصابرون ويتصابرون، مضت أشهر ست على مضض وكلهم افتعال واشتعال وانشغال بتهيئة الجو المريح والأمان للأولاد ليكونوا اليوم في وجه الامتحان عساه يكون سهلاً وهيّناً ويحقق أمنية كل أب وأم وحلمهما الذي لا يكون بغير علامات كلية الطب وكيف لا؟ ليس ابن الجيران أو الأقارب بأحسن منه، كما أنهم صرفوا لأجل هذا الأمر الكثير من سهر وتعب وكل ما ادخراه وسحبا على الراتب قروضاً بأقساط لأجل الدروس الخصوصية قرضت وهشمت سبل عيشهم وزعزعت أمنها.

السيدة هيام مهندسة، أشارت إلى أنها أخذت شهرين بلا راتب لتكون مع ولدها كل ساعة ووقت، وهي خائفة جداً فهو اليوم الأول والأصعب، لكنه عندما خرج انفكت أساريرها فقد أبشرها بأنه أجاب على جميع الأسئلة وكانت سهلة ولا يمكن أن تنقصه علامة، فقالت: الحمد لله مضى اليوم على خير فقد كاد قلبي أن يقف نبضه وأقع أرضاً، إذ لم يخرج ولدي من الامتحان قبل انتهاء الوقت وظننت أنه قد أخطأ في الجواب، ورغم أنه مجتهد ووضعته في دورات وصفوف الدروس الخصوصية إلا أن قلبي لم يهدأ، إني جداً خائفة أريده أن يدرس الطب كما أولاد إخوتي فجميعهم أطباء، لم أنقص عنه شيئاً وفعلت كل ما بوسعي، أليس من حقي عليه أن يهديني نجاحه ويحقق لي حلمي بأن أراه طبيباً ناجحاً ؟
الشاب مجد، علمي، خرج والفرح يغمر جناحيه ليطيره مع أمه بحثاً عن طريق عاجل للبيت، قال: لا أريد لأمي أن تقف على باب المدرسة بعد اليوم، لقد رضخت لأمرها ورافقتني لتكون على بينة ويطمئن قلبها وترتاح، فهي عانت الكثير لأجل هذا اليوم وجاءت من القرية رغم أنها لم تغفُ لها عين، سأحقق بإذن الله لها حلمها وما تريد، شرط أن تنتظرني بالبيت فقد أصبحت ابنها الكبير الذي يعتمد عليه، وسأكون في الجامعة عما قريب، فلا شيء صعب في طريقي طالما كسرت خوف الامتحان بمقرر الفيزياء لتكون لي نواة التفوق والحلم بإذن الله، وأرجو أن ينال جميع الطلاب أمانيهم ونجاحهم مع أهاليهم.
الأستاذ سامر ديب، علم نفس أشار إلى أن التوتر مشكلة عامة عند أغلب الطلاب وحتى الأهل الذي طالهم الداء، فهم يتناسون أن كل إنسان له قدراته وطاقاته التي تختلف عن الآخرين، ليكون بيننا الطبيب والمهندس والعامل والحرفي والبائعون وعمال البلديات والنظافة و.. لكن الأهل يريدون لولدهم الأفضل دائماً ويسعون بكل ما أعطوا من قوة أن يكون من الأوائل ويحصل على أعلى الدرجات لتجدي في الصف طالبين في المرتبة الأولى وثلاثة في المرتبة الثانية ويمكن خمسة في الثالثة وهذه الظاهرة لم تكن سابقاً، وهذا يمكن أن ينعكس سلباً عليهم، كما أن انقطاع الطلاب عن مدارسهم فترة طويلة لأجل الامتحان يدفع الأهل لتحمل العبء الأكبر في تهيئة الجو والظروف المناسبة لمذاكرته واستعداده للامتحان ويمكن أن يصل بهم الأمر أن يتغيبوا عن أعمالهم ويضعوا أنفسهم تحت خدمتهم طول اليوم مع إقفال أبواب بيوتهم والموبايلات والتلفونات في وجه أي زائر دون اضطرار، لهذا نوجه بعض النصائح عساها تفعل فعلها وتكون فيها فائدة:
أولها الثقة العالية بالنفس وعدم مرافقة الآباء لأبنائهم إلى أبواب المدارس خاصة عندما يطلبون منهم الأمر وفيه ما يخفف من القلق والضغط عليهم، والنظر إلى الامتحان على أنه ليس نهاية العالم، فهم المادة جيداً وعدم حفظها دون فهم، تجنب الاختلاط مع الطلاب والمناقشة مع الأصدقاء قبل الامتحان فهي غير مفيدة وتثير القلق والتوتر من تداخل المعلومات، الابتعاد عن المراجعة والحفظ قبل دخول قاعة الامتحان، أخذ الوقت الكافي للاسترخاء والتذكر، عدم القراءة من الأوراق والالتزام بالمادة من الكتاب المقرر فهي قد تسبب التشتت وضياع المعلومات، تجنب التأخير والأفضل أن تصل باكراً وقبل ساعة من وقت الامتحان، وعساه يكلل بالنجاح والتفوق لجميع الطلاب.
واختتم بقوله: كثيراً ما يردد الطالب (نسيت كل ما درسته)، لكن ليس بالفعل ذلك إنه الخوف ورهبة الامتحان حيث يكرم المرء أو يهان، وهناك بعض الملاحظات الهامة لتبقى المادة راسخة في الذهن منها: إن كانت المادة حفظية فهناك عدة طرق تساعد الطالب على الحفظ مثل: التلخيص والمشي والقراءة بصوت مسموع والتكرار والاستعانة بشخص قريباً كان أو بعيداً للتسميع، بينما إن كانت تعتمد الفهم والحل فيجب الإكثار من حل التمارين والمسائل والاستعانة بشخص يشرح المسألة ويفيده، كما عليه أن يدرب نفسه على حل كل الأمثلة الصعبة والمستصعبة عليه، ونتمنى لكل طلابنا النجاح وكان الله في عونهم.
التغذية تلعب دوراً كبيراً ومهماً في زيادة قدرة الطلاب على التركيز والحفظ، وقد أشارت لنا خبيرة التغذية منى عبد الله إلى أن المنبهات لا تُعطى غير في حينها عند الاستيقاظ والبدء بالمذاكرة والحفظ، كما أن الفطور ضروري جداً لا يمكن الاستغناء عنه، ومن أهم الأطعمة في باقي النهار سلطة الملفوف فهي مغذية وتخفف من التوتر كما أن الليمون ومن الهام شربه والأناناس تزوده بفيتامين سي لمزيد من النشاط والحيوية، أما الجزر يساعد على تنشيط عملية التمثيل العضوي ومن ثم تحسين الأداء في الدرس، واليانسون يساعد على تنشيط الذاكرة واسترجاع المعلومات، أما الكمون يساعد على تحفيز الخلايا العصبية، والزنجبيل يساعد الدم على التدفق بسهولة أكبر إلى المخ ليبقى الطالب أكثر نشاطاً، أما المكسرات فهي مفيدة لتقوية الأعصاب وزيادة التركيز، والأسماك تتميز بغناها بعنصر الفوسفور وأحماض أوميغا3 المفيدة جداً للطالب وغيره، ونتمنى لكل طلابنا وأهاليهم المرهقين النجاح والتفوق.

هدى سلوم – ت : حليم قاسم 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار