كيف يقضي أطفالنا عطلتهم الصيفية ؟

العدد: 9364

12-6-2019

 

ونحن نجاور البحر والنهر وجبال فيها كل الرونق والسحر وهواء ينعش الأكباد (لكن اليد قصيرة والعين بصيرة) وترى البولمانات تغص بركابها الذين يحدقون بك، وأنت جالس في شرفة بيتك وقد ضاقت منك جدرانه لتلفظك خارجاً بعد أن (زهقت) منك في هذه (الشتوية الطويلة) التي امتدت وطالت أياماً من (الصيفية)، وكان قد لملم العام الدراسي أوراقه ونال طلاب المراحل الانتقالية نتائجهم بعد أن خلصوا من الصفوف والمذاكرة، جاء الوقت للراحة والاصطياف، وبدأ الآباء قبل الأولاد بوضع خطط ومشاريع تغطي أيام الصيف لقاء بعض المتعة والتسلية بعيداً عن منغصات الحياة واختناقات المعيشة وروتين الحياة، وقد يختلف الاثنان ويكون الجدال، أين يقضي الأولاد أيام الصيف وكيف يخططون لها ؟

آية وأخوها علي، ابتدائي أشارا بأنهما يقضيان الأيام داخل جدران المنزل ولا يغادرانه إلا قليلاً، فأبواهما منشغلان بالوظيفة والعمل اليومي ولطالما رددا على سمعهما أن الراتب قليل ولا يقوى على مصاريف إضافية للرحلات، ليكونا أمام شاشة التلفاز والكمبيوتر والموبايل طوال الوقت، إلى أن يعودا عندها يمكنهما النزول إلى الشارع واللعب مع الأولاد بالكرة أو أخذ المصروف واللجوء لمحل ألعاب الكمبيوتر، ويمكن أن يكون فيه مشوار أو نزهة مع أصدقائهما أو قصد منزل الجدة في القرية حيث يرتميان بأحضان الطبيعة ولكن سرعان ما يملان ويطلبان العودة.
تيم صف سابع: أبواه مهندسان كما قال وأكد أن معظم ساعات يومه يقضيها في المعاهد التعليمية لأجل دورات تقوية في المواد الدراسية التي تحتاج التركيز والفهم، كما أن له فيها وقت للتدريب على آلة الغيتار وأيضاً للرسم، ولا يجد أي فرق بين المعهد والمدرسة فطوال أيامه وسنّيه هو في الدرس ومنذ ولادته أفاق ليجد نفسه في الحضانة والروضات، غير أنه لا يوجد محصلة وعلامات كما نهاية كل عام دراسي، وعندما يطلب من والده الذهاب للبحر مع الرفاق يصرخ في وجهه و يرد عليه: يوم الجمعة سنذهب معاً ويكون لك ما تريد؟
السيدة نرجس موظفة أشارت بأنها تسعى كما رفيقاتها كل صيف لوضع ابنتها في فعاليات المكتبة العمومية للأطفال، وفيها من المتعة والتعليم والتسلية ما يفيض، لترجع معها وقد شغلت أوقات فراغها وساعات يومها، فليس لها أن تبقيها في البيت لوحدها وليس من قدرة على المصاريف الزائدة على الراتب المحدود، لكن يمكن أن تفرغ لها وتأخذها إلى البحر مع أخوالها حيث اجتمعوا جميعاً واستحوذوا على شاليه لعدة أيام تكون فيها بإجازة، وبهذا تشغل صغيرتها طوال الصيف لكن عندما تطول الإجازة سرعان ما تمل وتبدأ بالصراخ أنها تريد رفيقاتها من بنات الجيران وأهل المكتبة، فتعودان وإن لم تنته ساعات اللهو والاستجمام.
جميعنا يحب الحصول على عطلة ونجد متعة كبيرة بالتخطيط لرحلة فيها لنعود أكثر نشاطاً وحياة، لكن ما المدة المثالية للعطلة؟ إذ أن البعض يشعر بالرغبة في العودة لمنزله وخاصة الأولاد وكثيراً ما يرددون على مسمعنا (ضجرانين) رغم أنها كانت رحلة ممتعة، فما يزيد عن حده ينقلب ضده؟
السيدة سمر عليا، مرشدة اجتماعية أفادتنا حول ذلك فقالت: إن أغلب الأبحاث التي أقامها علماء النفس والاجتماع حول الاستمتاع بالعطل أشارت إلى الرحلات القصيرة التي لا تمتد لأكثر من أسبوعين ولا يمكن لصاحبها أن يصل حد الإشباع كما في الطعام، حيث يفرز الجسم مادة (الدوبامين) وهي من الناقلات العصبية المخية تحدث شعوراً باللذة استجابة لنشاط ممتع مثل الأكل والحصول على المال والوقوع في الحب، وهو ما يقوله أستاذ الأعصاب بيتر فوست، ويرتفع مستوى الدوبامين لدى الشخص نتيجة اكتشافه بيئة جديدة وثقافة مختلفة، ويطول استمتاعه بالتجارب المتنوعة وتزيد فيها التحديات والألعاب ولا يبدأ الملل حتى تصل الألفة بالمكان لحد الرتابة.
وأشارت السيدة سمر إلى بحث للسعادة أكد على أن الاستمتاع بأوقات العطلة يعتمد على قدرة الشخص في اختيار أنشطته، وفي سبل عدة من بينها القيام بأنشطة جريئة يتعلم منها أشياء جديدة أو أعمالاً هادفة كالأنشطة التطوعية، وهناك تفاوت كبير بين الأشخاص فالبعض يستمتع بالنشاطات المفعمة بالحركة وغيرهم يستمتع بالاستلقاء أو الاسترخاء على شاطئ البحر، وتعد البيئة المناسبة ومكان الرحلة أو العطلة من العوامل الهامة للاستمتاع بها فرغم الفائدة الكبيرة من زيارة مدن جديدة فقد تتسبب الزحمة والضوضاء الإصابة بالتعب والقلق، وفيما البعض قد يشعر بسعادة كبيرة في مدن يجدها آخرون لا تطاق، وبزيارة لمدينة غير التي يعيش فيها تشعره بالراحة والفرح والمتعة.
لحسن الحظ هناك الكثير من السبل لإطالة أمد الاستمتاع منها: التخطيط المسبق لأماكن الزيارة والأنشطة وما تضيفه نفسك وذاتك عليها، وندرك جميعاً حد المتعة.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار