الوحدة 25-11-2023
منذ متى لم تسأل عن جارك، أو تعرف شيئاً عن أخباره؟ ولا حتى الوقت يسمح لزيارة الجارات، ولا تعرفه من ساكن أو زائر؟ وقد نسيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: “مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه”، كل هذا يحاك بنسيج مجتمع هذه الأيام.
السيدة سناء أشارت بأنها لم تدخل عتبة جارتها في البناء منذ سنة تقريباً وإن صادفتها على الدرج فبالكاد “سلام” ، فلديها ابنة بالشهادة الثانوية وقد منعت الزيارات عن بيتها.
أم جابر أكدت أنها لا تعرف جارتها التي تشاركها العتبة والدور، فلا وقت لديها للزيارات ولا حتى المجاملة في المناسبات، فهي تسعى ليلاً نهاراً لتدبير شؤون البيت، إذ إن زوجها عسكري ويخدم في حلب وعليها تقع كل المسؤوليات والمهام من طبخ وتنظيف وتدريس الأولاد وشراء الحاجيات من الأسواق بالإضافة لكونها موظفة. الشابة شذى أشارت إلى أنها تلتقي بابنة الجيران في الجامعة وتتبادلان الحديث لمعرفة أخبار البناية لتحملها لأمها التي توصد باب الدار ولا تحب ثرثرة الجارات، لكنها تحب معرفة الأخبار، وتقول: أمي تعمل بوظيفتين لتأمين حاجاتنا ومستلزمات البيت، فوالدي هجرنا بعد الطلاق، وترجع في المساء متعبة ولا قدرة لها على الكلام كما تقول.
أبو إيليا يتحسر على أيام زمان ويقول: زمان كان الجار أحسن من الأخ، يجيرك ويساندك في السراء والضراء وفي كل وقت وحين، أما اليوم فالكل منكمش في بيته بادعاء أنه سيكلفه الضيافة وأقلها فنجان قهوة، والحال اليوم صعبة وحرجة، والكل يسعى وراء معيشته، فينسى الجار وحتى الأخ والأب ولا وقت لديه للزيارة والسؤال ونكتفي باتصال إذا ما سألنا وحتى المباركات والتعازي، لقد تزوجت من ابنة الجيران منذ 20 سنة، كنت أنتظرها على الشرفة وأرميها بملاقط الغسيل لأشبك قلبها، كانت قصص العشق تغمرنا بالدفء والصدق، لقد فقدنا الحب مع انتشار شبكات التواصل التي اقتحمت بيوتنا. العلاقات فاترة وتكاد تكون هامدة بين جيران اليوم.
هدى سلوم