بمشاركة سورية.. منتدى سان بطرسبورغ الثقافي الدولي (منتدى الثقافات المتحدة) يناقش تطوير التعاون الثقافي الحديث وتبادل الأفكار
سانا- الوحدة: ١٧-١١-٢٠٢٣
بمشاركة سورية وأكثر من 40 دولة استضافت مدينة سان بطرسبورغ الروسية فعاليات منتدى سان بطرسبورغ الثقافي الدولي “منتدى الثقافات المتحدة” بهدف مناقشة الاتجاهات والقضايا الراهنة لتطوير البيئة الثقافية الحديثة وتبادل الأفكار والآراء حولها.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمة أمام الجلسة العامة للمنتدى أن التعددية القطبية تشكل إحدى الطرق لجعل العالم أكثر عدلاً وقال: “إن هناك مطالبة من قبل قوى معينة في العالم بالتفرد الثقافي، لكن المستقبل يكمن في التنمية المتعددة للثقافات” لافتاً إلى أن الثروة التي تمتلكها العديد من الدول وخاصة الأوروبية والولايات المتحدة كانت تعتمد إلى حد كبير على مظالم النظام العالمي الماضي، وعلى الاستعمار والعبودية.
وأوضح بوتين أن المزايا التكنولوجية التي حصل عليها جزء من البشرية في لحظة معينة تم استخدامها بشكل غير عادل من أجل تعزيز الهيمنة، وهذه المحاولة مستمرة حتى يومنا هذا، وهذا هو جوهر الأحداث التي تجري اليوم.
وشدد بوتين على أن من الأسباب الرئيسية للتوترات الحالية في العالم ادعاء بعض القوى بالتفرد بما في ذلك التفرد الثقافي وازدراؤهم لعادات الشعوب الأخرى والقيم الروحية، والرغبة في إخضاع الجميع لسطوة هذه القوى من خلال العولمة المبتذلة وقمع الثقافات وإفقارها.
وأضاف بوتين: “نحن مقتنعون بأن المستقبل يكمن في التنمية الحرة والمتعددة الخطوط والمتنوعة للثقافات”، لافتاً إلى أن منتدى سان بطرسبورغ الثقافي الدولي يهدف أيضاً إلى أن يصبح جزءا من هذا الحوار.
وأشار بوتين إلى أن العالم صُدم بنبأ تدمير الإرهابيين للآثار في مدينة تدمر الأثرية السورية بما فيها قوس النصر والتي تعتبر رمزاً للإنسانية وقال: “أود أن ألفت انتباهكم إلى أن المدينة التي نتواجد فيها حالياً تسمى أحياناً “تدمر الشمالية”، وهذه المدينة سان بطرسبورغ حاول الغزاة النازيون تدميرها”.
وأضاف بوتين: “في عام 2016، وبعد تحرير تدمر بدأ المتخصصون لدينا من معهد تاريخ الثقافة المادية جنباً إلى جنب مع زملائهم السوريين بإجراءات عاجلة لإنقاذ النصب التذكاري وأنشأوا مشروعا فريداً لترميمه وسيبدؤون في تنفيذه قريباً”.
ولفت بوتين إلى أن موسكو مستعدة لنقل تجربة ترميم آثار مدينة تدمر السورية إلى مواقع أخرى بالشرق الأوسط ولكن ذلك يتطلب ظروفا خاصة.
بدورها أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح في كلمتها أمام المنتدى أن السوريين بناة حضارة عمرها أكثر من 12 ألف عام وأن الدولة السورية أخذت على عاتقها حماية هذا الإرث الثقافي وضمان استدامته.
وشددت مشوح على أن سورية تؤمن بنبل رسالتها الإنسانية وبحقها في ممارسة سيادتها الثقافية وهو حق يوازي الحق في تقرير المصير بعيداً عن كل أشكال الهيمنة والتهميش والإلغاء.
وقالت وزيرة الثقافة: “إن التنوع الثقافي غنى وقوة، والسيادة الثقافية تقتضي حماية تراثنا الثقافي واستراد ما سُلب وهُرّب منه خلال الحرب الإرهابية علينا، ودعم المبادرات الثقافية المحلية، والاستمرار في رعاية المثقفين والمبدعين من كل الأعمار وفي شتى المجالات، وحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ودعم الصناعات الإبداعية الثقافية والرقمية.
وطالبت مشوح المجتمعين في المنتدى الذين ينشطون لتتحد ثقافاتهم أن يتحدوا أيضاً في مواجهة آلة الإجرام والإفناء الإسرائيلية التي تحصد أرواح أبناء الشعب الفلسطيني.
من جهتها أكدت وزيرة الثقافة الروسية أولغا لوبيموفا أهمية التعاون والتفاعل الثقافي بين مختلف البلدان مشيرة إلى أن روسيا مستعدة لتبادل الخبرات وتدعم توفير فرص متساوية للتفاعل مع ثقافات الدول الأجنبية.
وقالت لوبيموفا: إن هذه السياسة الروسية تسمح بمواصلة العمل في ظل العقوبات الغربية ومن الأمثلة على هذا التفاعل الثقافي هو مسابقة بيوتر إيليتش تشايكوفسكي الدولية السابعة عشرة حيث تقدم 742 موسيقياً من 41 دولة بطلب للمشاركة فيها، ولفتت لوبيموفا إلى أن روسيا ومن أجل تعزيز تنوع الثقافات في عالم متعدد الأقطاب تأخذ زمام المبادرة لإطلاق شكلين جديدين للتعاون في وقت واحد وتقترح إنشاء مهرجان سينمائي أوراسي مستقل ومفتوح، بالإضافة إلى مسابقة موسيقية بعنوان “إنترفيجن”.
في حين أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية محمد وسام المرتضى ضرورة الالتزام بقضية الحقّ ومنها قضيّة الحقّ في فلسطين، ومناهضة المشروع الصهيوني فيها وفي المنطقة والعالم بأسره مشيراً إلى أنهما معياران أساسيان في هذه المرحلة الاستثنائية من عمر العالم وبهما يميّز بين المثقّف الحقيقي الشريف وبين المتخفّين في جلابيب الثقافة.
ودعا المرتضى إلى التعاون في شراكة متينة من أجل إنقاذ الثقافة من بين براثن أعداء التكامل الإنساني الذين لا يرون فيها الاّ وسيلةً للحرب الناعمة وأداةً من أدوات الحروب المركبّة تمكّنهم من كي وعي الشعوب تمهيداً لاستعبادها.
كما شارك في الجلسة العامة وزراء من كوريا الديمقراطية وجنوب إفريقيا وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى وميانمار ودول أخرى.
وضمن فعاليات المنتدى وقعت وزيرة الثقافة مذكرة تفاهم للتعاون بين مكتبة الأسد الوطنية ومكتبة مارغريتا رودومينو عموم دولة روسيا للأدب الأجنبي.
كما قدم مدير عام الآثار والمتاحف محمد نظير عوض عرضاً عن واقع المتاحف السورية خلال الحرب الإرهابية على سورية وذلك ضمن مشاركته في المنتدى.