الوحدة:16-11-2023
لأن الأطفال يمثلون الشريحة الأهم في المجتمع، كان لا بد من تضافر الجهود لتقديم كل ما هو مفيد وممتع لهم بأسلوب جذاب وهذا ما توجه إليه الأدباء الذين يكتبون للأطفال على اختلاف مراحلهم العمرية ليقدموا لهم المعلومات العلمية والقيم التربوية بوسائط متنوعة كالقصة والحكاية والقصيدة والمسرحية وغيرها من أنواع الأدب، لكننا عندما نقرأ هذه النتاجات الأدبية نجد أنفسنا أمام التساؤل الآتي: هل أدب الأطفال للترفيه أو للتعليم أو لكليهما؟، وهو تساؤل طرحته الكاتبة سعاد خليل في مادتها الصحفية حيث انتقلت فيها مباشرة إلى تعريف أدب الأطفال، حسب رأيها، قائلة: هو الآثار الفنية التي تصور أفكاراً وإحساسات وأخيلة تتفق ومدارك الأطفال، وتتخذ أشكال القصة والشعر والمسرحية و المقالة والأغنية..
وأوردت الكاتبة خليل في مادتها تعريف الدكتورة سناء الشعلان لهذا النوع من الأدب قائلة: إن أدب الطفل ينتقل إليه عبر مسارب ناقلة متعددة وفق الحاجة والظروف والمعطيات، فنجد القصة القصيرة والرواية والمسرح والكتب العلمية التعليمية والقصائد ومجلات الأطفال والبرامج الإلكترونية والأفلام الكرتونية والحكايات الشعبية والمعاجم المتخصصة… وهي جميعاً نواقل طبيعية تعكس اهتمام الشعوب بالطفل وبأدبه بمستويات متباينة تعكس وعي الأمم، وتقدم معارفها وتطور أدواتها وخبراتها، كما تعكس من جانب آخر القيم التعليمية التي تسعي إلى بلورتها في نفس الطفل انبثاقاً من معطيات واقعه وظروفه وتحدياته وآماله.
وتتباين محمولات هذه النواقل ولذلك تتفاوت درجات الاستفادة منه ، وفي هذا الشأن تؤكد أهمية البعد التربوي في أدب الطفل، فأدب الأطفال ليس اعتباطياً ولا ينبغي أن يكون كذلك، وإنما يجب ان يكون مدروساً واضح المعالم والغايات لا سيما فيما يخص بعده التربوي، فهو أداة تربية، ولكنه ليس التربية ذاتها، وأداة تعليم ، ولكنه ليس التعليم ذاته، ولذلك يجب أن يقوم أدب الأطفال علي ركيزة من المضامين الوطنية والاجتماعية والإنسانية والتربوية التي تقوم على أمرين: البناء الذي يكفل للطفل أن يقوم بواجبه خير قيام ليضطلع بدوره الطبيعي في الأسرة والمجتمع، والحماية التي تساهم في الحفاظ على فطرته البريئة من كل ما يحيط به من مخاطر وانحرافات.
وتضيف الكاتبة: يتجلى الهدف التعليمي بوضوح في أدب الأطفال، لأنه هدف معلن يتقبله الطفل مباشرة عبر الأسرة أو المنظومة التعليمية، ففي مثل هذا النوع من الأدب يكتسب الطفل معلومات علمية وثقافية تسهم في بناء شخصيته ، وذلك عبر تزويده بمعلومات عن كل معطيات ذاته وواقعه وعالمه وجماعته وماضيه وحاضره ومستقبله ويكون الطفل في هذه الحالة يمارس العلم من خلال التسلية واللعب أحياناً وكلما ارتفع رصيد الأدب من الإتقان والجودة وجمال الطرح ومخزون المعرفة زادت قيمته التعليمية التربوية، وأصبح قصد الأهل والمعلمين والمربين، بل والأطفال ذاتهم إن كان يقدم بالشكل الذي يشدهم.
وترى الكاتبة أنه ،ومن الضروري في هذا النوع من ادب الاطفال أن يراعي مبدعه الفئة العمرية للطفل لتتناسب المعلومات وطريقة تقديمها طردياً مع قدرة الطفل الفكرية والشعورية والنفسية ، بل والجسدية أحياناً، في التلقي والفهم والإدراك، ولذلك غالباً ما تتوزع هذه الإبداعات على محاور عمرية محددة.
والبعد التعليمي لا يقدم في أدب الأطفال بشكل علمي معرفي ثقافي بحت بل قلما يكون كذلك حتى في أكثر الموضوعات علمية بحتة مثل علوم الأحياء والفيزياء والكيمياء بل الاتجاه الحديث في التربية والتعليم يجنح إلى التعليم من خلال طرق غير مباشرة ، فهي تكون في الغالب أنجح وأكثر تأثيراً.
وتؤكد الكاتبة أن المواد المعرفية والتعليمية التي تم الحصول عليها من أدب الأطفال، يجب أن تقترن بمجموعة من المكتسبات والقرائن التربوية التي تضمن أن يستفيد الطفل والمجتمع مما تعلمه واكتسبه من معرفة أولية من أدب الطفل، وبهذا الشكل يستطيع أدب الأطفال أن يحقق سوية عالية للطفل في مستوياتها الفردية والاجتماعية والإنسانية.
فدوى مقوص