ضاقت اليابسة بالنفايات فأصبح البحر مكباً لها

العدد: 9361

الأحد-9-6-2019

 

 

 

تتعرض المياه البحرية إلى ملوثات مختلفة بفعل الأنشطة البشرية العشوائية وغير المدروسة إضافةً إلى التغيرات المناخية التي تشكل مصدر تهديد للأنظمة البيئية الحيوية البحرية التي باتت تفقد مزاياها الطبيعية الجمالية يوماً بعد يوم.
وهذه المخاطر تؤثر سلباً على تنوع الثروة الإحيائية لاسيما الأسماك التي تتغذى على الملوثات فتُلحق الضرر بشكل تراكمي على صحة الإنسان وإصابته بعد فترة زمنية بأمراض مختلفة.
ومن أجل تعايش متناغم بين الإنسان والطبيعة والتطور المتوازن للاقتصاد والمجتمع والبيئة لابد من وضع حلول ناجعة لمشكلة تلوث المياه البحرية الشاطئية التي حدثنا عنها أ.د. أديب علي سعد، أستاذ علم الأسماك والبيئة المائية بجامعة تشرين ورئيس اللجنة الوطنية لعلوم البحار في سورية ورئيس الجمعية السورية لحماية البيئة المائية.
يقول د. سعد: إن التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي حصل في العقود الأخيرة غيّر على نحو كبير شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومنها الشواطئ السورية.
كما وينبئ التطور المرتقب للسكان وللأنشطة المتنوعة بتغيرات أكثر خطورة خلال العقود المقبلة.
ونوه د.سعد بأن هذا الشاطئ الضيق بين البر كان مكاناً مهماً لتلاقي وتنافس أنشطة متعددة: الصناعة وتوليد الطاقة والسباحة والرياضة والنقل وغيرها.
كما أنه كان يعد ملتقى الحضارات التي تركت في كل مدينة آثاراً مهمة، ومناظره الطبيعية المتنوعة جعلت منه موطناً مهماً للحيوانات والنباتات التي أصبح قسم منها مهدداً بالانقراض الذي ينبغي حمايته.
والشاطئ السوري الذي يقع في شمال الساحل الشرقي للبحر لم يكن بمنأى عن تلك التطورات والأنشطة فالهجرة المتواصلة من الريف إلى المدينة، طلباً لظروف معيشية أفضل، زادت كثافة السكان في الشريط الساحلي، وبالتالي زادت نسبة الطلب على السكن والمياه والكهرباء وغيرها من متطلبات الحياة.
ومع غياب التخطيط المدني جاءت حركة التمدن عشوائية، إضافةً إلى كميات النفايات والمجاري التي ضاقت بها اليابسة فكان البحر المكب الكبير للأسف.
تعديات مختلفة على البيئة البحرية
ذكر الدكتور سعد أن البيئة البحرية تتعرض لشتى أنواع الملوثات جراء التعديات على مياه البحر ومنها:
* الملوثات الكيميائية أي النفط ومشتقاته والمعادن الثقيلة ونفايات المصانع والمبيدات الزراعية ومواد التنظيف و التعقيم وغيرها.
* الملوثات العضوية الناتجة عن المجاري والنفايات المنزلية ومخلفات المصانع الغذائية وغيرها.
* التلوث الحراري الناتج عن طرح المياه المستخدمة لتبريد المنشآت الصناعية المختلفة مثل معامل إسالة الغاز ومصافي النفط وبخاصة محطات توليد الكهرباء الحرارية إذ تحتوي تلك الملوثات على مواد سامة تزيد من التلوث الحراري لاسيما في فصل الصيف وتسبب بنفوق الكثير من الكائنات البحرية الحية.
وهناك تجاوزات فردية تتعلق بالاستثمار المفرط لمنتجات الصيد وعدم الالتزام بقوانين الصيد فيما يخص الشباك والمواسم والأماكن، فما لم يقتل من السمك أو يهجّر عن طريق الملوثات يقضي الإنسان عليه وعلى صغاره.
فمن أهم الأسباب وراء تراجع الثروة السمكية مخالفات بعض الصيادين لقوانين وتشريعات الصيد، والممارسات الخاطئة مثل استخدام شباك الجرف الشاطئي الممنوعة والضارة جداً بالمخزون السمكي سواء من خلال صيد الأسماك الصغيرة والفراخ الصغيرة التي هي أصلاً منخفضة القيمة الاقتصادية، أو من خلال تدمير أماكن تفريخ الأسماك.
حلول ومقترحات
* بالنسبة للمجاري ينبغي إنشاء شبكة مجاري عامة لكل مدينة تجمع المياه المنزلية المبتذلة وتجري معالجتها في محطات التكرير كما هو الحال في بلدان العالم، فالمواد الصلبة يجري تخميرها والمواد السائلة الغنية بالمواد المغذية يمكن استعمالها للإنتاج النباتي الذي يستعمل غذاءً للإنتاج الحيواني، أو يجري تحويلها إلى أعلاف وأسمدة أو لإغناء بعض الأراضي الجافة والقاحلة بالعناصر المغذية زراعياً.
وإعادة استعمال المياه المبتذلة عن طريق تنقيتها بواسطة زرع النباتات فيها دون اللجوء إلى التربة أو الاستعانة بالمغذيات الكيميائية.
* تشجيع الأفراد على الاشتراك في حماية ومراقبة البيئة وتعزيز قوة معاقبة الأعمال المخالفة للبيئة وفقاً للقانون وتجنيد القوى الاجتماعية بصورة واسعة للمشاركة في أنشطة لحماية البيئة والالتزام بنظافة شاطئ البحر وعدم رمي النفايات ولاسيما البلاستيكية التي تؤذي السلاحف البحرية وإقامة حملات لتنظيف الشاطئ من القمامة والأهم من ذلك كله هو تربية الإنسان على احترام البيئة وأنظمتها الطبيعية الحيوية.
* تقييم مشروعات الاستثمار الجديدة لحماية حقوق السكان في تأمين بيئة سليمة ومستدامة.
* رفع و تعزيز قدرة الحكومة على مختلف المستويات على حماية البيئة وتحقيق تنمية البيئة المستدامة.
* الحفاظ على الثروة السمكية في الساحل السوري وحمايتها من التدهور والبحث عن أفضل الطرق لتنظيم الصيد في المياه البحرية السورية وإلزام الصيادين التقيد بالتشريعات مع التذكير بأن أفضل طريقة لحماية المخزون السمكي هو توحيد فتحات الشباك وفترات المنع وأمكنة الصيد بين البلدان المتجاورة على البحر المتوسط لأن البيئة البحرية ليس لها حدود والثروات الحية مشتركة.
* حماية البيئة هي مسؤولية مقدسة لذا ينبغي تطبيق نظرية التنمية العلمية الشاملة والمنسقة والمستدامة، وكذلك اتخاذ إجراءات متنوعة لحل مشكلات البيئة بهدف ضمان التعايش المتناغم بين الإنسان و الطبيعة والتطور المتوازن للاقتصاد والمجتمع والبيئة.

ازدهار علي

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار