هـل واكـــب إعـــلامنــا التطــور و اقــترب من الــدور المناط بـه؟

الإعلام أو الأخبار هي في المعلومات الدقيقة – على العموم – الصادقة للناس، والحقائق التي تساعدهم على إدراك ما يجري حولهم، وتكوين آراء صائبة في كل ما يهمّهم من أمور، ويتم ذلك من خلال وبوساطة وسائل تحمل للناس هذه المعلومات والحقائق والأخبار، هي وسائل الاتصال بالجماهير، ومنها الصحف والمجلات والراديو والتلفزيون والأنترنت وغيرها، وهي وسائل لا تقتصر على الإعلام فقط بل تقوم أيضاً بالإعلان والتعليم والدعاية والترويج وغير ذلك من أغراض كثيرة.
للإعلام قدرة على التأثير في المجتمعات بهيئاتها ومؤسساتها وسلطاتها كافة، وقد تطور الإعلام في المجالات جميعها، وتشعّبت مهماته وتنوَّعت وسائله، وأصبح في مستوى متقدم متطور جداً بعد استعماله التقنية الصناعية والعلمية العالية الدَّقة، إلى درجة أصبح معها يعطل أو يعيق مسارات الحياة أو العكس ينعشها ويبعث النمو والازدهار في تطورها.. وذلك حسب استعمال ذاك الإعلام وتوجهاته.
لقد تعرفت المجتمعات الإنسانية خلال تطورها إلى أنواع عديدة ومتنوعة من وسائل الإعلام، لكنها كلها كانت تستهدف وعي الإنسان وعقله وعاطفته، إن عن طريق التوجه إلى سمع هذا الإنسان أو إلى بصره، وبالتالي إلى عقله.
ولقد حدث –كما قلنا- تطور وسائل الإعلام تحت تأثير المصالح من جهة، ومن جهة أخرى تبعاً لمقتضيات الحاجة والضرورة، وكذلك إلى جانب اندفاع العالمين في حقول الإعلام مع مصالحهم في تطوير تلك الوسائل.
لقد جرى الربط في معظم العصور التي مرّت بين الإعلام والتعليم، إلى درجة عدّت فيها وسائل الإعلام هي نفسها وسائل التعليم، وهذا طبيعي إذا كنا نعدّ الإعلام هو إضافة معلومات فقط، وهي المهمة التي يتولاها التعليم، بالطبع ليس هذا فقط،
لكنه هو في الواقع إضافة معلومات، وكذلك تحميل تلك المعلومات رأياً وموقفاً ووجهة نظر، فالتعليم هدفه نقل المعلومات إلى المتعلم، أما الإعلام فهدفه نقل المعلومات إلى أشخاص محددين وإلى الجميع أيضاً، بقصد الاتجاه بهم هذه الوجهة أو تلك أو على الأقل نقل المعلومات نقلاً موضوعياً بقصد الإيضاح أو النفي أو التأكيد وتحقيق أغراض مطلوبة.
إن دور وسائل الإعلام في المجتمع هام، إلى درجة خصصت الحكومات أقساماً ودوائر ووزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف داخلية وخارجية عن طريق الوسائل، ومن تلك الأهداف رفع مستوى الجماهير ثقافياً، تطوير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، هذا داخلياً أمّا خارجياً فمن أهداف دوائر الإعلام تعريف العالم بحضارات الشعوب ووجهات نظر الجهات الرسمية والحكومات في القضايا الدولية.
لم يقتصر اهتمام الحكومات بوسائل الإعلام بل إن مؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية اهتمت بها ووجدت أن تلك الوسائل تخدمها وتخدم أهدافها وتساعد في ازدهارها ونموها، وليس أدلّ على أهمية الإعلام ووسائله مما أصبح معروفاً في العالم، من أنّ الدولة ذات الإعلام القوي تعد قوية وقادرة، فلقد أصبح الإعلام رئيسياً في بقاء بعض الدول، وخاصة تلك التي وجدت فيه إحدى دعاماتها الرئيسية الأولى،
وسبب ذلك هو أنّ وسائل الإعلام مؤثرة في الجماهير وفاعلة سلباً أو إيجاباً..
إذاً بعد الذي ذكرناه، لا يمكن تصور حياة المجتمعات والحضارات البشرية من دون الصحافة والإعلام، ومن هنا يبدو ذلك حاجة ضرورية لكل مجتمع ودولة، وخاصة في أيامنا هذه، لأن هذه المنظومة صارت جزءاً لا يتجزأ من البنيان الاجتماعي والسياسي، ووسيلة هامة في تكوين الرأي العام، ومنبراً معبراً عنه، وجهازاً فعالاً لمعالجة قضايا المجتمع الملحّة والعمل على حلها.
إنّ الحديث عن وظائف وسائل الإعلام ينطلق من أهمية الدور الذي تقوم به، فاليوم لم يعد دور وسائل الإعلام مقتصراً على نقل الخبر وتسجيل الأحداث وتدوين الوقائع، بل أصبحت تلعب دوراً مؤثراً للغاية في خلق التوعية السياسية والاجتماعية والاقتصاديةعلى صعيد الوطن من الداخل، وفي صقل المشاعر القومية والإنسانية وجعلها تصب في قناة واحدة لخلق المواطن الواعي المتكامل.
هناك حقيقة موضوعية تكمن في ماهية وجوهر الإعلام الوطني وهي مواكبته حركة التاريخ ومسيرة الجماهير الشعبية النضالية والمواطن وتسعى لتلبية حاجاته، وتستجيب لمطالبه، وتقف بجواره في متاعبه وآلامه الحياتية وتمثل هذه ضرورة موضوعية ملحّة أشد الإلحاح وينبغي أن يقع على عاتق بلدنا إنجازها اليوم.
ينحصر هذا في حضور الإعلام الوطني بفعالية منظمة وموجهة لوعي وتطلعات المواطن وإذا كان الإعلام مهنة مقدسة، فقدسيته إن صح القول تنبع قبل كل شيء من كونه يعبر بصدق عن تطلعات الجماهير، مرآة تعكس متطلباتها وتتكلم باسمها وترفع صوتها عالياً للدفاع عن مصالحها أو المواجهة يعيق تقدمها ويعترض طريقها ويمنع تقدمها.
الإعلام لا يمكن أن يكون مجرد كلام وصور فحسب إلا إذا كان بعيداً عن رسالته لا يتحرّى الصدق فيما يقوله وينشره ويحاول بقدر ما إرضاء نزوات قلة قليلة من الأفراد لا تريد تحري الحقيقة.
لكننا اليوم نلمس على قدر كبير ونرى بشكل عام كيف أصبحت وسائل الإعلام لاسيما الوطني منه يبذل جهوداً جبارة لتحرّي الدقة في كلّ ما يقدمه للمتلقي وما يعلنه وينشره، كي لا يفقد ثقته، لأنّ فقدان الثقة بين المتلقي والجهة الإعلامية من شأنه أن يعرّض المؤسسة الإعلامية إلى التدهور ولربما إلى زوال مبرر وجودها، وإن بقيت مع تخلخل الثقة فإن المنظومة الإعلامية تعيش في وادٍ والمواطن المتلقي كما يفترض في وادٍ آخر.
وكيلا يفقد المواطن الثقة بالإعلام الوطني، على الصحفي أن يخلق لدى بعض الشخصيات أو بالأحرى مع من يلتقي بهم إحساساً بالثقة وشعوراً بالاطمئنان، بأن أقوالهم سوف تنشر بدقة وأمانة، وأنها لن تتعرض إلى التشويه أو التحريف، ومن إيجابيات أسلوب عمل الصحفيّ التركيز على الأمور الأساسية وإبرازها وتوثيقها،
أمّا الأمور الأخرى وتفاصيلها فيلخصها ويختصرها.
ولتدعيم الثقة وتقويتها، على الصحفي أو الإعلامي تحقيق أقصى قدر من الحيوية في حديثه مع الطرف الآخر في العملية الإعلامية أو مع تحقيق الأسس الموضوعية في إنتاج المادة الإعلامية قبل نشرها بعيداً عن الاستطرادات غير الهامة وتخليصها من التفاصيل التي لا تسهم في إغناء الموضوع ولا تهمّ المتلقي.
إضافة إلى ما سبق، تحقيق وثائقية المادة الإعلامية، الدَّقة والمصداقية فيما يتعلق الأمر بموضوع المادة المحضّرة للنشر..

بسام نوفل هيفا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار