الوحدة 25-9-2023
لطالما كانت المهرجانات والمعارض وغيرها من منافذ التسويق فرصة ترويج لمنتجات أصحاب المشاريع وهو ما كان في مهرجان الضفاف السياحي الأول الذي أقامته مديرية السياحة في قرية قسمين، لكن الشراء كان ضعيفاً لقصر اليد وقلة الحيلة في تدبير المعيشة، بالإضافة إلى أن الإعلان والترويج لم يتم إلا منذ يومين على صفحة القرية. وهو ما تبين في لقاءاتنا مع الريفيات من أهالي قسمين. السيدة ريم نظام: مشروعها يعتمد على صناعة الزعتر، وقد أشارت إلى أن التسويق بالمنطقة والقرية ضعيف بسبب الغلاء وظروف المعيشة، فليس للناس قدرة على شراء كميات كبيرة، لهذا قامت بوضع كميات صغيرة بالأكياس، بحيث تناسب كل شرائح المجتمع وحسب الإمكانيات، كما أن الإعلان عن المهرجان جاء متأخراً، وتحدثت عن مشروعها قائلة: مشروعي عبارة عن زعتر طبيعي، لا مواد حافظة فيه ولا سماد لشتول الزعتر الناعم فهو مقطوف من جبال بانياس، والزعتر الخليلي من القرية والسماق أيضاً، لكن الصعوبات تكمن في قصد السوق لجلب السمسم والحبوب الكاملة وبذور العنب لزيادة الفائدة والقيمة الغذائية، أسعى ليكون لمشروعي علامة تجارية فلدي طلبات للسعودية وأخرى لألمانيا من أناس مهتمين بالطعام الصحي والطبيعي، وأيضاً لأربيل… لكن النقل صعب ومكلف جداً، وهو ما يشكل عثرة في طريقنا، لدي طلبات إلى محافظات (دمشق، حمص، جبلة، بانياس) لكن كل هذا لا يؤمن الدخل أو المردرد الكافي.
السيدة وسام جنود التي نسجت أعمالها من الدمى الصوفية بألوان جذبت الأطفال، تقول: المعرض جميل جداً لكن حركة الشراء ضعيفة لظروف مادية أو أن الناس في القرية لم تسمع به أو لغيره من الأسباب، والناس – أو الطلاب بالأصح الذين يدرسون في قاعة الجمعية الخيرية للقرية – لا حول لهم في الشراء، وتابعت عن مشروعها بقولها : السيدة في منزلها ملزمة بتدبير شؤونه وعندما تجد الوضع صعباً في تلبية احتياجات البيت والأولاد تندفع لترميم الوضع وتصنع ما تجيده، وكنت قد تعلمت من والدتي شغل الصوف وأنا أحب الدمى وأشعر بالروح فيها لذا أصنع الدمى والزينة والألبسة والجزادين من الصوف، الصوف مادة طبيعية ويبقى لسنوات ويختلف عن جزادين السوق التجارية ، وأيضاً تجدين الدفء من جورب صوفي وتفتقدينه فيما يفرزه السوق، وأطور أشغالي بالتردد على اليوتيوب، أشعر بأني أرسم لوحة جميلة وكلما انتهيت من واحدة فهناك الأجمل، وهذا ما أسعى إليه وهنا التحدي الأصعب. السيدة وداد محفوض نوهت على أن مشروعها الذي يعتمد على الدبس والمقطرات يأتي على أهل بيتها بمردود لابأس به، وترى في المعارض والمهرجانات بعض التسويق لكنها لا تعتمد عليها فلديها تسويق لمنتجاتها في قريتها، وعندما تتكدس بضاعتها بكميات كبيرة فإنها تصرفها في صالة تنمية المرأة الريفية باللاذقية، فهي مستفيدة منها منذ 17 سنة فقد تعلمت فيها وزادت من معرفتها التي كانت اكتسبتها من والدتها، ونمت بورشات ودورات من دائرة تنمية المرأة الريفية، وقالت: اليوم أشتغل بدبس الفليفلة وتجفيف البامياء واليقطين والأمور جيدة.
المهندسة رباب وردة رئيسة التنمية الريفية بمديرية زراعة اللاذقية تحدثت عن مشاركة الدائرة بقولها: نشارك اليوم بمنتجات متنوعة لسيدات ريفيات مثل: مشاريع الحرير والسيراميك والصناعات الغذائية وأطباق القش والبسط، والنساء المشاركات من المنطقة وجوارها، وشيء جميل أن نشارك باليوم العالمي للسياحة، وهذه الاحتفاليات مهمة في القرى ومراكزها والبلديات لتعريف الناس بجمال قراهم الريفية، كما أنها تعرفهم بالسيدات المنتجات ومشاريعهن لتبادل المنفعة. الأستاذة كنانة عدرا رئيسة هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة شاركت المهندسة رباب في شكرها لمديرية السياحة على هذا المهرجان فقالت: نشارك في المهرجان بجناح خاص بالهيئة يعبر عن تراث وطابع محافظة اللاذقية من رسم على الزجاج وأشغال يدوية ومنسوجات صوفية وصابون الغار والعسل الطبيعي، ويعتبر هذا المهرجان منصة يلتقي بها المنتج والمستهلك بآن واحد دون حلقة وساطة، كما أن هذا المعرض نافذة تسويقية للترويج لأصحاب المشروعات، وأيضاً يساعد في دعم المنتج الوطني، حيث يقدم للمنتجين قيمة مضافة من خلال الترويج بعيداً عن عمليات النقل والدعاية والإعلان، وأيضاً يحقق التواصل مع المستهلكين للاستفادة من آرائهم في تحسين المنتج، والتواصل مع أصحاب المشاريع الصغيرة حيث يتبادلون الخبرات وفتح أسواق جديدة، وهذا كله يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وإعادة عملية الإنتاج من جديد.
وتضمنت فعاليات المهرجان أيضاً في قسمين معارض فنية ومعرضاً للكتاب، حيث تحدث الفنان التشكيلي إسماعيل توتنجي الذي رافقته في رحلته سبع فنانات تشكيليات ليرسمن في الهواء الطلق والمدى الواسع الزرقة من نهر وسماء، حيث قال: بدعوة من مديرية السياحة أتينا للمشاركة بالمهرجان، وهذا المعرض جميل جداً وهو فخر للصناعة السورية وخاصة للمرأة الريفية، وجميل أن نسلط الضوء على أعمال هذه المرأة التي يأتي مردودها على معيشتهن، وهو ما يشجعهن للاستمرار في الإنتاج وعرضه في ملتقيات ومهرجانات دائماً، وأعمالهن كثيراً ما يكون فيها الفن والإبداع وهذا فخر لنا. وليس لديهن سوى هم أو صعوبة التسويق والترويج للعمل، وأنا أعتز بكل امرأة ريفية مقيمة في قسمين وغيرها من القرى، وشكر مديرية السياحة والثقافة على المهرجان فهو فخر واعتزاز ومشجع للاستمرار، ويمكن أن تنتقل هذه التجربة لمناطق أخرى ليستمر العطاء للبلد كله. الفنان علي ديبة يرى الجمال في قريته وأهله بقلبه بعد انطفاء عينيه بحادث أليم منذ سنين طوال، يقول عنه أخوه نضال: أخي ضرير لكن قلبه يستمر بالنبض والعطاء، نال الشهادة الثانوية الصناعية ومارس الرسم وحفر الحجر والنحت في حجر القطع الكلسي للبيت، ولم يحتاج لعمله غير السكين لينحت في الصخر الصلب ويبث فيها من روحه.
هدى سلوم